بلاد الشام ارض المقدسات

اشارة

نام كتاب: بلاد الشام ارض المقدسات

نويسنده: ايوب الحائري

موضوع: عتبات عاليات و سوريه

زبان: عربي

تعداد جلد: 1

ناشر: نشر مشعر

مكان چاپ: تهران

سال چاپ: 1431 ه. ق.

نوبت چاپ: 1

ص : 1

كلمة المجمع

لقد أكّدت الآيات الكريمة والرّوايات الشّريفة المتعدّدة في دعوتها على مسألة السّياحة والسّفر في الأرض؛ بهدف الإطلاع، على أحوال الناس والأقوام، والتّأمل في تأريخ الماضين؛ لأجل التجارة وأخذ العبرة منها.

وقد كانت سوريا من بين البلدان العربية والإسلامية التي تتمتع بقدمها التأريخي حيث كانت مسرحاً لمجريات الحوادث المؤلمة والمفرحة آنذاك، وكان من بين تلك الحوادث التأريخية المؤلمة، حادثة تأسير أهل بيت النبي (ص) بعد قتل سيدالشهداء الامام الحسين (ع) ومن كان معه من أهل بيته وخيرة أصحابه (عليهم السلام) في واقعة الطف الأليمة، حتى صارت تلك الحادثة سبباً لتواجد مراقد وأضرحة لبعض أهل البيت (عليهم السلام) في مناطق سوريا، وهناك العديد من المسلمين واتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) يتشوقون لزيارة هذه الأماكن والآثار الإسلامية في هذه البلدة؛ للوقوف على عاقبة وآثار الماضين.

وقد قام مركز تحقيقات الحجّ قسم التأريخ يبهيئة هذا الكتاب،

ص:2

ص:3

ص:4

ص:5

ص: 6

ليكون مصدراً ومرجعاً لجميع الزائرين والمشايخ الروحانيين والراغبين للإطلاع على هذا التأريخ وماجرى فيه من وقائع وحوادث، وبالخصوص ما يتعلق بما جرى في هذه البقعة من الأرض (سوريا).

ونحن بانتظار ملاحظات واقتراحات جميع الأخوة الزائرين والمشايخ الروحانيين، التي من شأنها ان تساعد في تكامل هذا السفر العلمي، وليقوم المركز للعمل فيها لإصلاح هذا الكتاب وفي تدوين الكتب المعرفة بالآثار الاسلامية.

وفي الختام لايسع مركز تحقيقات الحجّ، قسم التاريخ إلّا ان يتقدم بجزيل شكره وفائق امتنانه للأخ المؤلف حجة الاسلام والمسلمين أيوب الحائري، على ما بذله من جهود مضنية في إعداد هذا الكتاب.

إنه ولي التوفيق

قسم التاريخ

مركز تحقيقات الحج

ص: 7

مقدمة المؤلف

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم، و الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمد المصطفى، وآله الطاهرين وعلى صحبه الأخيار المنتجبين.

إنّ بلاد الشَّام عموماً بقعة مقدسة بنصِّ كتاب الله فى قوله تعالى مخاطباً بني إسرائيل: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَةَ الّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ ...)(1) ، وأرض مباركة لأنّ فيها المسجد الأقصى الذي كان مهبطَاً لرسول الله (ص) في إسرائه وقد جعله الله وما حولَهُ مباركاً في قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)(2) .

فهذه البلاد، هي مهد أغلب الأديان السماوية، ولذا نرى انَّها تحتوي على عدد كبير من الأماكن التي تشرَّفت برفقة أحباب الله من الأنبياء والأولياء، والذرية الطاهرة من آل بيت رسول الله (ص)


1- المائدة: 21.
2- الإسراء: 1.

ص: 8

وجمع من الصحابة و العلماء والعرفاء، وبذلك صارت تلك الأرض تحظى بالقدسية والإعظام عند جميع الأديان التوحيدية.

ومن بين بلاد الشَّام، كان لسورية فى هذا العصر، الحظُّ الأوفرُ لإحتضان زوّار أولياءِ الله والذرية الصالحة من آل البيت:، ولذا وجدنا أنّه من الضروري تزويد الزائر لتلك البقاع بكتاب، يُعرِّفه على أصحاب تلك المقامات، والمزارات، بإختصار، وتغاضينا عن ذكر المقامات التي تخالف الحقائق التاريخية المعروفة عن الأشخاص المذكورين و الخوض في التفاصيل التي يتيه معها الزائر، بين روايات متعارضة أو متقاربة.

وقد ضممنا إلى هذه المجموعة ملحقاً يعرفنا بإختصار بأهمِّ الأماكن الأثرية في سورية وأهمِّ المعالم الدينية في لبنان والأردن وفلسطين، لتشمل بلاد الشَّام و إن كان يصعب على كثير من المسلمين فى هذا العصر زيارة تلك الأماكن، بالأخص فى فلسطين المحتلة، وختمنا الكتاب في فضل زيارة قبور أولياء الله، وذكر بعض الزيارات المشتركة.

وكان الغرض من هذا كلّه هو المشاركة في احياء التراث الاسلامي الحافل بالقيم والمبادئ، وتذكير الأمة بالقدرات العلمية والثقافية والنماذج الصالحة من الشخصيات الإسلامية الخالدة التي زخرت بها في كل العصور.

وحيث إنَّ من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، نقدم شكرنا

ص: 9

لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل المبارك، سائلين لهم من المولى الكريم الأجر والثواب، واخصُّ بالذكر سماحة آية الله السيد مجتبى الحسيني ممثل ولي أمر المسلمين في سورية.

وأخيراً نرجو بذلك ثواب الله وشفاعة أوليائه الصالحين، فهو تعالى الغاية وهو ولي السداد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ص:10

ص: 11

الشّام في سطور

1- إن الشّام (1) التي تسمّى اليوم سورية، تمتدّ على أرض ودوحة خضراء بمساحة (180/ 185 كيلومتر مربع)، تحدُّها من ناحية الشمال تركيا، ومن الشرق العراق، ومن الجنوب فلسطين المحتلة والأردن، ومن الغرب لبنان والبحر الأبيض المتوسط، فهي تقع في وسط قارات ثلاث.

2- يبلغ عدد سكان سورية ما يقارب (22 مليوناً)، نسبة المسلمين فيها 88% من مختلف المذاهب ونسبة المسيحيين وبقية الطوائف 12%، واللغة الرسمية هي العربية، والعُملة الرائجة هي الليرة، وفيها 14 محافظة، وعاصمتها دمشق تعتبر من أقدم المدن السكانية في العالم.

3- فَتَحت الشَّام قلبها، لقبول الدين الإسلامي في سنة


1- الشام: أو بلاد الشام يطلق في القديم على منطقة واسعة تشمل: فلسطين والأردن ولبنان، وسورية، وأمّا اليوم فهي تطلق على سورية وعاصمتها دمشق، وكلمة الشام باللغة السريانية تعني النظافة ووفرة النعمة.

ص: 12

14 للهجرة مع حدوث معركة اليرموك، و أصبحت دمشق في سنة 41 للهجرة مركزاً للخلافة الأموية، ومع حكم العباسيين انتقلت العاصمة من دمشق إلى بغداد، وأصبحت سورية ولاية من الولايات الإسلامية.

4- كانت سورية تحت الحكم العثماني ما يقارب 400 سنة، وانتهى هذا الحكم مع حدوث الحرب العالمية الأولى سنة 1914 م، وبعد انتهاء الحرب أصبحت مستعمرة لفرنسا، ولكن في سنة 1946 م حصلت على استقلالها من الاحتلال الفرنسي.

5- بما أن هذه الأرض كانت بالأمس مهداً للحضارات الدينية السابقة، لهذا فإنّ أرضها تضم عدداً من المعالم الدينية، بالإضافة إلى مراقد وقبور الأنبياء والأولياء الصالحين، ومع دخول الإسلام شهدت سورية حوادث ووقائع إسلامية كبرى، لذا فهي تضمّ في ثراها آثاراً لعددٍ كبير منها، بالإضافة إلى أنها تحتضن عدداً من مراقد ذرية النبي (ص) وأصحابه، وكان الهدف من تأليف هذا الكتاب هو معرفة تلك الأماكن المقدسة من مشاهد ومراقد وآثار دينية في هذا البلد الإسلامي.

ولنبدأ بريف دمشق، حيث مقام السيدة زينب الكبرى 3، وهو من المقامات والمزارات المهمة التي يقصدها الزوّار.

ص: 13

الفصل الأول: مقام السيدةزينب بنت الإمام علي (ع)

اشارة

ص:14

ص: 15

مقام السيدة زينب الكبرى (س)

في الجهة الجنوبية من مدينة دمشق، والتي كانت قديماً تعرف بقرية راوية في غوطة دمشق، يرتفع أحد المقامات المهمَّة، ألا وهو مرقد العقيلة الطاهرة السيدة زينب بنت الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، يأتي إليه المسلمون من مختلف الفرق الإسلامية، لزيارة مرقدها الشريف من كل حدب وصوب، لا سيما من البلدان القريبة من سورية.

ولم يكن المقام على هذا القدر من العمران والسعة حتى سنة 1165 ه، لكن اليوم، نجد على قبر السيدة زينب 3 صندوقاً ثميناً صنع في إيران، وحوله شبّاك من الفضة، وفوقه قبة غاية في الفن المعماري وهي تتلألأ روعةً وجمالًا، وكان ذلك في عام 1334 للهجرة، حيث احتفل في ذلك اليوم بنصب هذا الضريح. (1)وفي عصرنا هذا قد اهتمت جمهورية إيران الإسلامية بهذا المقام،


1- () وأرسل الإمام السيد شرف الدين/ رسالة بعنوان: (عقيلة الوحي) لمراسم الاحتفال، وقد طبعت ضمن كتاب (السيدة زينب 3 في تاريخ الإسلام) من قبل مكتب سماحة الإمام الخامنئي مدظله العالي في سورية.

ص: 16

فقامت وبمعونة سدانة المقام ودعم أهل الخير من البلاد الإسلامية بزخرفته وتزيينه وفرشه بالسجاد، بحيث أصبح المقام تحفة فنية.

وفي الجانب الشرقي للمقام يوجد مصلى المقام، حيث تقام فيه صلاة الجمعة والجماعة، وتقام فيه الإحتفالات، والمراسم الدينية طوال السنة، أسَّسه المرحوم آية الله السيد احمد الفهري 1 الذي توفي في الخامس من جمادي الآخر عام 1427 ه، ودفن بجوار الإمام الرضا (ع).

وفي المدخل الغربي من صحن السيدة زينب 3 وعلى الجهة اليمنى، توجد غرفة فيها قبر السيد محسن الأمين العاملي (رحمة الله) (1) المتوفى سنة 1371 ه، وفي جنبه مرقد السيد حسين يوسف المكي العاملي المتوفى 1397 ه، الذي استوطن دمشق وتصدى للمرجعية بعد وفاة زعيمها السيد محسن الأمين.

شخصية السيدة زينب الكبرى (س)

عن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي قال: «تزوّج عليّ (ع) فاطمة (س) في شهر رجب بعد الهجرة بخمسة أشهر» (2)وكان ثمرة


1- () ولد هذا العالم الكبير في جبل عامل عام 1283 ه، و بعد ما اكتسب درجة الإجتهاد في النجف الأشرف اتجه إلى مدينة دمشق بطلب من أهلها، وأصبح مرجعها الكبير، و مارس فيها نشاطاً اصلاحياً في شتى الميادين. منها تأسيسه للمدرسة المحسنية، و منها مؤلفات متنوعة كالموسوعة المعروفة ب (أعيان الشيعة) وكتاب (المجالس السنية)، والذي يعتمد الخطباء عليه في مجالس العترة الطاهرة، وسواهما، إلى عشرات المؤلفات. (راجع الأعيان مجلدج بقلم نجله الأستاذ حسن الأمين، ورجال الفكر ص 173).
2- الطبقات الكبرى 18: 8 لابن سعد.

ص: 17

هذا القران المبارك الحسنان وأم كلثوم وزينب الكبرى.

ولقد ولدت السيدة زينب الكبرى 3 في الخامس من جمادى الأولى السنة الخمسة للهجرة حسب القول المشهور(1) .

سماها جدها رسول الله (ص) زينب، وتكنى أم كلثوم ويقال لها زينب الكبرى للتمييز بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها.

ولقّبت بألقاب تنم عن صفاتها الكريمة، فقد لقبت بالصديقة الصغرى و أمهّا الصديقة الكبرى، ولقّبت بالعقيلة (2)، وعقيلة بني هاشم وعقيلة الطالبيين، كما اشتهرت بأمّ المصائب، لهول ما لاقته في مسيرة حياتها، وكنّاها الكتّاب المتأخّرون ببطلة كربلاء.

زواج السيدة زينب (س)

كانت السيدة زينب 3 مسمّاة لابن عمّها عبد الله بن جعفر الطيّار، كما جاء في الخبر عن ابن عباس (3) ، وقد زوّجها الإمام علي (ع) لعبد الله بن جعفر، فولدت له محمداً وعلياً وعباساً وعوناً الأكبر وأمّ كلثوم (4) .


1- رجّح الشهيد السيد القاضي التبريزي/ في تعليقاته على كتاب الفردوس الأعلى لأستاذه الشيخ كاشف الغطاء، أن يكون مولدها في الخامس من شهر جمادى الأولى، و يعرف هذا اليوم رسمياً في جمهورية إيران الإسلامية ب- (يوم الممرضات) وذلك تخليداً لمواقف تلك السيدة الجليلة.
2- العقيلة هي المرأة الكريمة على قومها، العزيزة في بيتها.
3- شرح نهج البلاغة 50: 12.
4- انظر سفينة البحار 497: 3 عن أسد الغابة لابن الأثير 133: 6؛ المعارف لابن قتيبة: 207.

ص: 18

وعبد الله بن جعفر (رحمة الله) هو أكبر أولاد أبيه، ولد في الحبشة عندما هاجر إليها والده، وهو أول مولود ولد في الإسلام بأرض الحبشة.

وكان عبد الله ممن صحب النبي (ص) وسمع حديثه، وحفظ عنه، وكان أغنى بني هاشم وأيسرهم، وكانت له ضياع كثيرة، ومتاجرة واسعة، وكان أسخى رجل في الإسلام، وله حكايات في جوده وسخاءه وكرمه كثيرة وعجيبة (1).

وقد شارك مع عمه (ع) في حروبه في الجمل وصفين، حيث كان عبد الله يتقدم على عمّه أميرالمؤمنين (ع) في صفين ليفديه بنفسه ويدفع عنه المكاره. (2)عاشت زينب 3 مع ابن عمها في حياة يسودها الإيمان والطمأنينة، وكان نتاج هذا الزواج المبارك أربعة أولاد: عون- الذي استشهد مع خاله في كربلاء- وعلي، وإليه يرجع نسل عبد الله من زينب، وعباس، وأم كلثوم البنت الوحيدة لزينب، تزوجت بابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر الطيار.

فضائلها

تربّت السيدة زينب 3 في بيت النبوة، و العلم والفضل و الكمال، فجدّها المصطفى خير البشر، وأبوها سيد الأوصياء، وإمام المتقين، وأمها سيدة نساء العالمين، وإخوتها الحسن والحسين الإمامان،


1- مع بطلة كربلاء لمغنية: 33.
2- تاريخ الطبري: 148: 5 عن وقعة صفين.

ص: 19

فورثت من جدها دعوته، ومن أبيها بلاغته وشجاعته، ومن أمِّها عبادتها وجلالتها، فكانت بحق، مصداقاً لأهل بيت النبوة.

قال العُبيدلي النّسابة: «كانت امرأة عاقلة لبيبة جزلة» (1)ولها مواقف تدلّ على ذلك، منها ما روي: «أنها في طفولتها كانت جالسة في حجر أبيها وهو يلاطفها بالكلام، فقال لها: يا بنيّتي، قولي واحد، فقالت: واحد، فقال لها: قولي اثنين، فسكتت، ثم قالت 3: يا أبتاه، ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد، فضمها (ع) إلى صدره، وقبّلها بين عينيها»(2) . وأدَلّ دليل على نبوغها أنّها روت خطبة أمها الزهراء في الاحتجاج على الخليفة الأول ولم تتجاوز الخامسة من عمرها، وقد نقل الخطبة ابن أبي الحديد، بأسانيد متعددة كلها تنتهي إلى زينب (س) (3).

وروى عنها محمد بن عمرو، وعطاء بن السائب، وفاطمة بنت الإمام الحسين (ع)، وجابر بن عبدالله الأنصاري، وعبّاد العامري(4) ، وممن روى عنها ابن عباس الذي كان يفتخر بالرواية عنها، ويقول: حدثتنا عقيلتنا، وكان مع ما هو عليه من العلم يسألها عن المسائل التي لا يهتدي لحلها، كما روى عنها غيره كثير. (5)


1- أسد الغابة، وعنه في سفينة البحار 497: 3.
2- العقليه والفواطم، حسين الشاكري: 29.
3- شرح نهج البلاغة 210: 16.
4- رياحين الشريعة للمحلاتي 57: 3.
5- معجم رجال الحديث، للخوئي 190: 23، 238؛ ومقاتل الطالبيين: 91.

ص: 20

ويكفي لمعرفة نمير علمها، وعظيم معرفتها، ما شهده في حقها الإمام زين العابدين (ع) حيث قال لها: «يا عمة أنت- بحمد الله- عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة» وروي عنه (ع): «ما رأيت عمتي تصلي الليل عن جلوس إلا ليلة الحادي عشر» (1).

مصائب السيدة زينب (س)

لقد عايشت السيدة زينب 3 كل الأحداث التي رافقت وفاة جدّها رسول الله (ص) وما جرى بعد الوفاة، وعاصرت محنة أبيها الإمام علي (ع) وأمّها فاطمة الزهراء 3، وعايشت مصيبة أخيها الحسن (ع) ولا نستغرب إدراكها لكل تلك الأحداث، على صغر سنّها، لنبوغها المبكّر.

ويُسجل لنا التاريخ بكل فخر واعتزاز مواقف مشرّفة وبطولية للسيدة زينب (س) بحيث شاهدت (س) قتل أخيها الإمام الحسين (ع) وإخوتها وبني عمومتها من الشيوخ والشباب والأطفال، وخلّص أصحاب الحسين (ع) يوم عاشوراء في كربلاء، وكذلك قتل ولديها عون ومحمد مع خالهما أمام عينيها، ثم حُملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة، وقد أحدث خطابها في الكوفة اضطرابات، خاف ابن زياد أن تتحوّل إلى ثورة فأسرع بتسريحها وسائر أفراد عائلتها مع رؤوس الشهداء إلى الشام، وقد خطبت في الشام خطاباً أفرغت فيه


1- الاحتجاج للطبرسي 305: 2.

ص: 21

عن لسان أبيها أميرالمؤمنين (ع)، وممّا جاء في ذالك الخطاب المتوجه ليزيد: «فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند؟ وأيامك إلا عدد؟ وجمعك إلا بدد؟ يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين».(1) و بذالك قد أدت دورها وأتمت رسالتها بعد استشهاد أخيها الحسين 3 فكانت بحق شريكة الحسين (ع) في نهضته المقدسة، وبفعل هذا الخطاب، وخطاب الإمام زين العابدين (ع) كادت أن تندلع الثورة، فعجّل يزيد بتسريحهم مع النعمان بن بشير الأنصاري إلى المدينة.

السيدة زينب (س) في المدينة

لما عادت السيدة زينب (س) والإمام السجاد (ع) وأهل بيته إلى مدينة جدّهم رسول الله (ص) بعد واقعة الطف، بلغ عبد الله بن جعفر زوج زينب مقتل ابنيه محمد وعون مع الحسين (ع)، فجلس للعزاء عليهم، وأخذ الناس يدخلون عليه يعزّونه بمصابه بهم، فلما اجتمعوا عنده قال: الحمد لله الذي عزّ علىَّ بمصرع الحسين (ع)، إن لم تكن يداي واست حسيناً فقد واساه وَلَداي، والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أُقتل معه، والله إنه لممّا يُسخّي نفسي عنهما، ويهوّن


1- مقتل الحسين 7 للخوارزمي 71: 3؛ بلاغات النساء: 31- 33.

ص: 22

عليّ المصاب بهما، أنهما أصيبا مع أخي وابن عمّي، مواسيين له صابرين معه(1)

وفاة السيدة زينب (س)

خرجت الحوراء زينب (س) من المدينة في أواخر شهر ذي الحجة سنة 61 للهجرة أي قبل أن يحول الحول على قتل أخيها الحسين (ع) ومعها ابنتاه فاطمة وسكينة، وزوجها عبدالله بن جعفر قاصدة الشام حيث كان يملك عبدالله ارضا فيها.

وبعد مضي سنة توفيت عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من شهر رجب سنة 62 للهجرة ودفنت في قرية راوية في غوطة دمشق بحسب القول المشهور، وقيل أنها توفيت في مصر ودفنت فيها ولها مقام هناك يقصد ويزار.

ويقال أن القبر أو المرقد المنسوب إلى السيدة زينب الكبرى بمصر هو قبر زينب بنت يحيى بن حسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب (ع) كما صرّح بذلك عدد من كتّاب ومؤرّخي مصر.

وقال الشيخ محمد جواد مغنية: «ويلاحظ أن علماءنا الذين عليهم الاعتماد، كالكليني والصدوق والمفيد والطوسي والحلي لم يتعرّضوا لمكان قبرها، حتى نرجّح بقولهم كلًا أو بعضاً أحد الأقوال، فلم يبق إلا الشهرة بين الناس».


1- وقعة الطف: 272 عن تاريخ الطبري 5: 466؛ إرشاد المفيد 124: 2.

ص: 23

وإذا نظرنا في الأقوال فلا شك أن زيارة المشهد المشهور بالشام، أو الجامع المعروف بمصر بقصد التقرب إلى الله سبحانه تعظيماً لأهل البيت: الذين قربهم الله، ورفع درجاتهم ومنازلهم، حسنة وراجحة، لأن الغرض إعلان الفضائل، وتعظيم الشعائر، والمكان وسيلة لا غاية وقد جاء في الحديث: «نية المرء خير من عمله» (1).

وعلى هذا الأساس لابدّ من الاهتمام بزيارتها أينما كانت، وبما أنه لم يذكر العلماء لزيارتها نصّاً خاصّاً بها، يمكننا أن نزورها بتلك الزيارات العامّة التي يُزار بها أولاد الأئمة:، والأفضل أن تزار بالزيارة التي وردت لسيدة فاطمة المعصومة 3 بتغيير بعض الألفاظ والأسماء(2) .

أللَّهمَّ وفقنا لزيارتها في الدنيا وشفاعتها في الآخرة.

يا زائراً قبر العقيلة قف وقل مني السلام على عقيلة هاشم

هذا ضريحك في دمشق الشام قدعكفت عليه قلوب أهل العالم


1- مع بطلة كربلاء السيدة زينب بنت أمير المؤمنين 3، طبعة دار التيار الجديد 91- 251.
2- وهو النص الذي أورده المرحوم المحدث القمي/ في (مفاتيح الجنان) عن العلامة المجلسي/، لزيارة السيدة فاطمة المعصومة 3، وقد أوردها المرحوم فخر المحققين جمال الدين الخوانساري/ في كتابه المزار لزيارة السيد عبد العظيم الحسني/.

ص:24

ص: 25

الفصل الثاني: مدينة دمشق وآثارها الدينية

اشارة

ص:26

ص: 27

1- الجامع الأموي وآثاره الدينية

اشارة

يقع المسجد الأموي في قلب دمشق، ويُعدّ من الأبنية التاريخية للشام، ويذكر ياقوت الحموي في (معجم البلدان) أن الوليد بن عبدالملك بن مروان هو الذي قام ببناء جامع دمشق «المسجد الأموي»، وقد شرع بهذا البناء عام (87 ه)، بعد أن جمع النصارى وعرض عليهم بتحويل كنيستهم (كنيسة يوحنا) إلى مسجد، على أن يبني لهم كنيسة أخرى بدلًا عنها في أيّ مكان هم يختارونه ... وجعلوا لهذا المسجد أربعة أبواب: باب جيرون شرقاً، وباب البريد غرباً، وباب الزيادة نحو القبلة يقابله باب الفراديس(1) .

ويقول المؤرخ الدمشقي ابن عساكر: إنّ المسجد الأموي بدمشق كان من احدى كنائس النصارى، وحينما تمّ فتح الشام ودمشق كان المسلمون يؤدون الصلاة في قسم من هذه الكنيسة، والنصارى في القسم الآخر يؤدون شعائرهم وعباداتهم، إلى أن قام الوليد بن عبدالملك بن مروان بامتلاك الجزء الآخر من النصارى فتحوّل إلى


1- معجم البلدان 463: 2- 470.

ص: 28

مسجد كامل للمسلمين (1) .

والجدير بالذكر أن بناء المسجد الأموي دام أكثر من سبع سنوات، ولكنه لم يكتمل، والأقسام المتبقية منه تمت في خلافة سليمان بن عبدالملك.

والجامع الأموي يضم آثاراً ومقامات للأنبياء، حيث يروى أن فيه مقام النبي هود (ع)، و مقام للخضر (ع) شرق القبلة، وفيه مكان نزول النبي عيسى (ع) عند المنارة الشرقية للمسجد، بالإضافة لمقام رأس النبي يحيى بن زكريا 8 وسط حرم الجامع، وفي شرق الجامع يوجد بئر كان يستخدم من قبل المسيحيين لغسل التعميد لأطفالهم حينما كان المكان كنيسة ومعبداً لهم.

أجل كل ذلك على ما كان لدى النصارى وفي عهدهم، وغيرها من المشاهد والآثار، وفي عهد الإسلام هناك آثار بالأخص مشاهد وآثار من آل البيت:، وذلك بعد فاجعة كربلاء لمّا جي ء بهم أسارى إلى الشام، ولا مجال لذكرجميع الآثار الدينية للجامع الأموي بالتفصيل هُنا ونكتفي بذكر أهمها وهى:

دكة أسارى آل البيت:.

مقام رأس الإمام الحسين (ع).

مقام الإمام زين العابدين (ع).

مقام رأس النبي يحيى (ع).


1- تاريخ دمشق 197: 1.

ص: 29

دكة أسارى آل البيت (عليهم السلام)

يقال إن أسارى آل البيت: أدخلوا إلى الجامع الأموي من باب الساعات، و هو الآن ما يمثّل بالحائط الشمالي للجامع الأموي في البقعة المقابلة لمقام الإمام زين العابدين (ع)، ويسمى أيضاً (باب الزيادة)، ويقال أن المكان الذي أوقفوا فيه أسارى آل البيت: هو مقابل المحراب والمنبر الأصلي للجامع الأموي والمرتفع عن الأرض 20 س. م ومحدّد بأبعاد 6* 12 م 2.

مقام رأس الإمام الحسين (ع)

بعد دخول قافلة السبايا إلى دمشق، طلب يزيد رأس الإمام الحسين (ع) فجاءوا به على طبق من ذهب و وضعوه أمامه، وأُجلسَ النساء خلفه، وكانت فاطمة وسكينة تنظران إليه وتتوجعان وتبكيان، وبعد ذلك دخل الناس إلى المسجد، وكان يزيد يضرب بعصىً على ثناياه المباركة (1)، وفي ذلك المجلس قام أبو برزة الأسلمي مخاطباً يزيد: ارفع هذا القضيب فوالله لقد رأيت رسول الله (ص) يقبّل هذه الثنايا (2)، وعند ذلك وبأمر من يزيد أخرجوا الرأس الشريف من المجلس وعلّقوه مع سائر


1- تاريخ الطبري 267: 6؛ الكامل في التاريخ: 35: 4؛ البداية والنهاية لابن كثير 192: 8.
2- تاريخ الطبري 267: 6؛ الفصول المهمة في معرفة الأئمة: لابن الصباغ المالكي: 183.

ص: 30

رؤوس الشهداء ثلاثة أيام على باب القصر (1)، وبعد ذلك أنزلوا الرأس الشريف، ووضعوه في الزاوية الشمالية الشرقية من المسجد في غرفة خاصة، وكان هذا الرأس موجوداً في هذا المكان عدة أيام، و بقي ذلك الموضع، ذكرى لهذه الحادثة، وسمي ب- «موضع رأس الحسين (ع)»(2) .

ويقع المكان المذكور بعد محراب ومسجد «الإمام زين العابدين (ع)» داخل غرفة بأبعاد (4* 3 م 2)، وفي داخل رواق مقام الإمام السجاد (ع) خزانة صغيرة من الفضة بحجم رأس الإنسان في داخل الجدار، وهي تذكر باسم موضع مكان الرأس الشريف.

وقد اختلف الرواة والمؤرخون حول موضع دفن رأس الحسين (ع) على أقوال، منهم يقول: أن الرأس الشريف دفن عند رأس الإمام علي (ع) في النجف الأشرف، ولذلك فقد أوصوا بأن تقرأ فوق رأس الإمام علي (ع) زيارة الإمام الحسين (ع) (3). وقيل في مصر وله مشهد يقصد ويزار، ولكن القول المشهور لمؤرخي الشيعة أن الإمام السجاد (ع) أرجع الرأس الشريف إلى كربلاء المقدسة ودفنه قرب الجسد الطاهر للإمام الحسين (ع) (4).


1- مقتل الحسين: للخوارزمي 75: 2؛ البداية والنهاية 204: 8.
2- راجع رحلة ابن بطوطة: 65.
3- بحار الأنوار 178: 45 و 275: 100؛ سفينة البحار 492: 1.
4- راجع مناقب آل أبي طالب: لابن شهر آشوب 200: 2؛ وتذكرة الخواص: 150؛ اللهوف لابن طاووس: 112.

ص: 31

مقام الإمام زين العابدين (ع)

يقع في الجامع الأموي وفي جهته الشرقية شمال باب جيرون مقابل باحة المسجد، مشهد الإمام زين العابدين (ع)، ومن أسباب تسميته باسم الإمام زين العابدين (ع)، أنه المكان الذي سجن فيه يزيد الإمام السجاد (ع) وعماته وأخواته، وفيما يليها الخربة التي اتخذت مقاماً للسبايا، حيث أودعهم يزيد هناك.

ومحراب الإمام الذي كان يصلي فيه لا زال باقياً في رواق الدكة التي كان يقيم فيها الإمام (ع)، وعليه قبة عرفت بقبة الإمام زين العابدين (ع)، وجدّد هذا المقام، الملك الظاهر سنة (668 ه)، وتبدل اسمه ليصير مشهد المحيا ابتداءً من محرم سنة (971 ه)، حيث أقام المحيا فيه الشيخ عبد القادر العاتكي.

مقام رأس النبي يحيى (ع)

إنّ مقام ومشهد رأس يحيى بن زكريا 8 يقع في وسط الجامع الأموي مقابل القبلة إلى يسار المحراب، يحيط بالضريح شباك بأركان رخامية مصاغ بشكل بديع وجميل، يقصده المسلمون والمسيحيون ويتبركون به، ويطلبون من الله تعالى قضاء حوائجهم بفضله ومقامه عنده سبحانه، وأما ضريح جسده المطهر كما يذكر صاحب (منتخبات التواريخ) ففي مسجد دلم في أحد ضواحي دمشق المسمّى بالزبداني، ويضيف صاحب التاريخ المذكور نقلًا عن زيد بن واقد أنه

ص: 32

حينما أرادوا بناء أساسات مسجد دمشق وجدوا رأس نبي الله يحيى (ع) المطهر حيث أخرجوه من تحت ركام أعمدة قبة هذا المسجد، وقد كان جلد وجهه الشريف وحتى شعر رأسه لم يزل على طبيعته (1).

قد ولد النبي يحيى (ع) من أبوين كبيرين في السن وذلك بقدرة إلهية، فكان (ع) بشارة الله لزكريا (ع)، وكان مخلصاً لله تعالى، زاهداً في الدنيا، وقد منحه سبحانه وتعالى منذ الصغر العلم والحكمة، (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً)(2) .

وكان (ع) منذ بلوغه إلى مرحلة الشباب عفيفاً وتقياً، ويقوم بالعبادة والرياضة الروحية في المسجد الأقصى، ويتجنب أهل الدنيا، وعندما بعث النبي عيسى (ع) كان شاهداً على نبوته.

ويحيى بن زكريا (ع) ذبح بأمر ملك من بني إسرائيل اسمه (سردوس) كان يريد أن يتزوج بإحدى محارمه (ابنة زوجته أو ابنة أخيه) وكانت في غاية الجمال فمنعه النبي يحيى (ع) من ذلك فغضب الملك عليه فأمر بذبحه.


1- ابن كثير عن تاريخ ابن عساكر نقلًا عن الوليد بن مسلم، عن زيد بن واقد الذي ينقل هذا الحديث.
2- مريم: 12.

ص: 33

حكاية مقتل يحيى (ع)

كان في بني إسرائيل ملك حاكم باسم «سردوس» وعلى قول «أحب»، وكان لزوجته بنت في غاية الجمال، وكانت هذه الزوجة ماكرة وخادعة وفاسدة، ولذلك كانت تكافح أن لا يتزوج عليها زوجها، ولأجل ذلك أرادت أن تنكح ابنتها منه، فجاء إلى النبي يحيى (ع) ليسأل رأي الشارع المقدس حول زواجه من ابنة زوجته، فأجابه النبي يحيى (ع) أنه لا يجوز ذلك.

ولهذا فقد حقدت زوجة الملك على النبي يحيى (ع)، وعندما كان الملك في أشدِّ حالات السُّكر أرسلت ابنتها وهي في منتهى الجمال إلى زوجها، وعندما أراد أن يقترب منها ليعاشرها امتنعت، وقالت: لن تمسّني إلا إذا قمت بقتل يحيى (ع)، وأمر الملك الذي كان في أوج هيجان الشهوة بقطع رأس النبي يحيى (ع)، وجاؤوا بالرأس الشريف على طبق عند الملك، ويقال بأن الرأس تحدّث إلى الملك قائلًا: إن هذه الفتاة لا تحلّ لك، وعلى حسب إحدى الروايات فإن الأرض ابتلعت الملك والفتاة (1).

وفي قصة النبي يحيى (ع) والإمام الحسين (ع) تماثل وتشابه بينهما، فكلاهما أُهدي رأساهما إلى أولاد البغايا، والنبي يحيى (ع) لم يجعل له من قبل سمياً، وكذا الإمام الحسين (ع).


1- ولمزيد من التفاصيل لتلك القصة راجع كتب قصص الأنبياء.

ص: 34

2- مقام السيدة رقية بنت الإمام الحسين (ع)

من المقامات التي يزورها في كل يوم الكثير من المسلمين من مختلف دول العالم، ومن شتّى المذاهب الإسلامية، السيدة رقية 3 وهي بنت الإمام الحسين (ع)، ويذكر المؤرخون بأن الإمام الحسين (ع) كان له ستة أبناء وثلاث بنات، والبنات هن:

1- سكينة: وهي بنت الرباب بنت امرء القيس.

2- فاطمة: وهي بنت أم إسحاق بنت طلحة بن عبد الله.

3- زينب: وهي أخت فاطمة من أم واحدة.

ولم يشر الكثير من المؤرخين إلى ذكر اسم رقية 3 ولعلّها هي (زينب) البنت الثالثة حيث أن اسمها رقية أيضاً.

وقد ورد ذكر السيدة رقية (س) في كتب أرباب المقاتل في واقعة كربلاء وناداها الإمام الحسين (ع) باسمها في كثير من الأماكن، خصوصاً في الساعات الأخيرة من عمره الشريف، عندما أراد أن يودّع عياله (1) .

ولكن المؤرخين لم يذكروا لرقية 3 دوراً في كربلاء، وذلك لأنّ عمرها آنذاك كان ثلاث سنوات، إذ إنها ولدت سنة 57 للهجرة، ولكنها رأت الأسر والسبي، حيث حُملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة، ومن الكوفة إلى الشام، حتى سكنت في خربة (باب


1- راجع اللهوف في قتلى الطفوف للسيد بن طاووس.

ص: 35

الفراديس) مع سائر النسوة وأطفال أهل البيت:، وفي إحدى الليالي رأت أباها في المنام، فلما أفاقت طلبت أباها من عمتها زينب (س) وهي تصرخ باكية مما جعل النسوة والأطفال يستيقظون، فأخذوا بالبكاء معها، فلما ارتفعت أصوات النساء والأطفال من جراء بكاء هذه الطفلة الطاهرة، وسمع يزيد الضجة واستبان، أمَرَ أن يحملوا لها رأس أبيها الإمام الحسين (ع)، فلما رأته رقية 3، احتضنته وعانقته وبقيت على هذا الحال حتى فارقت روحها الدنيا(1) ، ودُفنت في مقبرة قرب باب الفراديس.

وعندما وصل الأيوبيون إلى الحكم بنوا للسيدة رقية 3 مقبرة جميلة، وفى عصرنا هذا عندما أصبح المقام لايسع لاحتواء الزائرين والوافدين لمرقدها الطاهر، قامت جمهورية إيران الإسلامية وبمعونة أهل الخير بشراء بعض البيوت، وذلك بدفع أسعار مضاعفة لأصحابها لأجل توسيع المقام (2).

وأما الضريح الجديد الذي صنع في إيران لقد نصب فوق الضريح السابق (3)، وهناك سوق تجاري يسمى بسوق العمارة يقع أمام الباب الرئيسي للمرقد الشريف، وأما المنطقة التي


1- منتهى الآمال الشيخ عباس القمي/ 327: 1، نقلًا عن الكامل للبهائي.
2- وأخيراً جاءت التوسعة الثانية وهي تشتمل على المصلى، وتأسيس معهد لدراسة العلوم الإسلامية باسم «معهد السيدة رقية» التابع للجامعة الإسلامية في لبنان، ومستوصف، وغيرها من المستلزمات.
3- الذي صنع في زمن حكومة ناصر الدين شاه القاجار.

ص: 36

تسمى ب- (باب الفراديس) فتقع ضمن هذا السوق، ويبعد عن مقام السيدة (س) بما يقارب عشرين متراً، وهناك طريق قصير عند الجهة الشمالية للمرقد يوصل بالجامع الأموي على بعد (100 م) تقريباً.

وللمرحوم الدكتور الشاعر السيد مصطفى جمال الدين (رحمة الله) (المتوفى: 1417 ه) قصيدة رائعة نقشت على ضريح السيدة رقية 3 ننقل بعضاً من أبياتها:

في الشام في مثوى أميّة مرقديُنبّئك كيف دم الشهادة يخلد

صرح من الإيمان زهو أميّةوشموخ دولتها لديه يسجد

رقدت به بنت الحسين فأصبحت حتى حجارة ركنه تتوقّد

كانت سبية دولة تبني على جثث الضّحايا مجدها وتشيد

إلى أن يقول:

و به يطوف فم الخلود مؤرخاًبالشام قبر رقية يتجدّد

يزهو على تاريخها بسمائهاصرح على بنت الحسين ممرّد

3- مزارات في مقبرة باب الصغير

اشاره

مقبرة باب الصغير من المشاهد المعروفة في دمشق، وهي من أكبر مقابرها وأشهرها، وتضم رفاة عدد كبير من ذراري آل محمد (ص)، وكثير من الصحابة والتابعين والأولياء. تقع المقبرة في منطقة الشاغور، وهو من الأبواب المعروفة لسور دمشق القديمة حيث

ص: 37

لاتزال آثار السور باقية إلى الآن، وسمي بالصغير لأنه كان أصغر أبواب دمشق، وفي المقبرة هذه جادة خاصة تسمى (جادة آل البيت:) تقع فيها مقامات متقاربة من حيث المكان، تضم مشاهد رؤوس شهداء كربلاء ومجموعة من قبور آل البيت:، وأتباعهم ومجموعة من قبور الصحابة وكبار علماء المسلمين، وفيما يلي نذكر أهمها ضمن العناوين التاليه:

أ) المراقد المنسوبة لآل البيت:.

ب) مدفن رؤوس شهداء كربلاء.

ج) مقابر الصحابة، والتابعين.

د) قبور العلماء والعرفاء والأدباء.

أ) المراقد المنسوبة لآل البيت (عليهم السلام)

1- المقام المنسوب للسيدة سكينة بنت الإمام الحسين (ع)

في مقبرة باب الصغير قبر للسيدة سكينة مكتوب عليه: هذا مقام السيدة سكينة كريمة الإمام الحسين (ع) شهيد كربلاء.

اسمها- على المشهور- أميمة، وقيل: آمنة، ولقّبت بسكينة لسكونها وهدوئها، وزوجها هو عبد الله بن الإمام الحسن (ع)، وقيل تزوّجها مصعب بن الزبير وذكر لها صاحب كتاب الأغاني أزواجاً

ص: 38

أخر (1).

أبوها الإمام أبو عبد الله الحسين (ع)، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعية (2)، المرأة الوفية للحسين (ع)، والتي لم تبق بعد واقعة الطف إلا عاماً- على الأغلب- ثم ماتت حزناً على زوجها وإمامِها، ترعرعت سكينة 3 في حجر هذه الأم، حتى أن الحسين (ع) كان شغفاً بها وبأمها، لما وجد فيهما من الإخلاص والإيمان، وقد قال فيهما:

لعمري إنني لأُحب داراًتكون بها سكينة والرباب

أحبهما وأبذل جلّ مالي وليس لعاتب عندي عتاب (3)

وقد ذكر جميع المؤرخين أنَّ سكينة (س) كانت قد خرجت مع أبيها الحسين (ع) إلى كربلاء ورأت بأم عينها مقتل أبيها وأعمامها وإخوتها، وكانت صابرة محتسبة، كما أنها آخر من ودّعت الحسين (ع) في حملته الأخيرة والتي نادى فيها: «يا سكينة يا فاطمة يا زينب (يا أم كلثوم) عليكنّ مني السلام»، فنادته سكينة: يا أبه استسلمت للموت؟ فقال: «كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين»، فقالت: يا أبه ردّنا إلى حرم جدنا، فقال (ع): «هيهات لو ترك القطا لنام»، فتصارخن النساء، ثم أقبل على أخته ام كلثوم، وقال لها:


1- الأغاني 99: 16، 166 وراجع أعيان الشيعة 492: 3.
2- نفس المهموم: 528.
3- مقاتل الطالبيين: 90.

ص: 39

«أوصيك يا أخية بنفسك خيراً، وإني بارز إلى هؤلاء القوم». فأقبلت سكينة وهي صارخة، وكان يحبها حباً شديداً، فضمّها إلى صدره ومسح دموعها، وينسب إليه أنّه قال:

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي منك البكاء إذا الحمام دهاني

لا تحرقي قلبي بدمعك حسرةما دام مني الروح في جثماني

فإذا قتلت فأنت أولى بالذي تأتينه يا خيرة النّسوان (1)

وبعد مقتل الحسين (ع) تحمّلت مرارة السبي من أرض الطف إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، ولشدة ما كانت عليه من الصون والحجاب، لما دخلوا الشام قالت لسهل بن سعد الساعدي (صاحب رسول الله (ص)): قل لحامل رأس الحسين (ع) أن يقدم الرأس أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله (ص) (2).

رجعت مع الإمام زين العابدين (ع) ونساء العترة إلى المدينة، وبقيت فيها عابدة زاهدة، كان قد غمرها الحزن على أبيها وأهلها حتى أدركتها الوفاة، في يوم الخميس (5 ربيع الأول سنة 11 (ع) ه)، عن عمر ناهز السبعين عاماً، ودفنت في المدينة (3)وقيل دفنت في مقبرة باب الصغير بدمشق.


1- منتخب الطريحي: 316؛ نفس المهموم: 346.
2- بحار الأنوار 223: 10.
3- أعيان الشيعة 492: 3 و 274: 7؛ نفس المهموم: 530؛ وفيات الأعيان 297: 1.

ص: 40

2- مقام السيدة أم كلثوم بنت الإمام علي (ع)

في مقبرة باب الصغير إلى جانب مرقد السيدة سكينة، يقع مرقد ينسب إلى السيدة أم كلثوم بنت الإمام علي (ع). وأم كلثوم هذه إما أن تكون زوجة عبد الله الأصغر بن عقيل، أو زوجة محمد بن عقيل، وهذه السيدة حضرت واقعة كربلاء مع أختها السيدة زينب الكبرى 3، وينقل عنها بعض الخطب في مجلس ابن زياد في الكوفة، ويزيد بن معاوية في الشام (1).

ويقال بأن للإمام علي (ع) أربع بنات ملقّبات بأم كلثوم.

الأولى: أم كلثوم الكبرى و أمها السيدة فاطمة الزهراء 3، وقد توفيت في المدينة (قبل واقعة الطف) مع ابنها زيد في يوم واحد، ودفنا في البقيع (2).

الثانية: أم كلثوم، زينب الكبرى و أمها السيدة فاطمة الزهراء 3.

الثالثة: أم كلثوم، زينب الصغرى، أمها أم ولد، وأم كلثوم هذه زوجة محمد بن عقيل، ومن الممكن أن يكون هذا المرقد يرجع إليها.

الرابعة: أم كلثوم (التي نتحدث عنها)، وهي مدفونة في «باب الصغير»، وهي زوجة عبدالله بن عقيل، وهي من إحدى بنات الإمام علي (ع) من غير فاطمة (س)، ومن المؤكد بأن هذه السيدة


1- بحارالأنوار 112: 45؛ أسد الغابة في معرفة الصحابة 469: 5
2- الطبقات الكبرى، ابن سعد 464: 8؛ ذخائر العقبى، محب الطبري: 171

ص: 41

كانت حاضرة في واقعة كربلاء بمعية أختها زينب (س)، وقد خطبت خطباً عصماء في بلاط ابن زياد، ويزيد، حيث وردت هذه الخطب في بعض الكتب التاريخية (1)

3- مقام السيدة فاطمة الصغرى بنت الإمام الحسين (ع)

فاطمة الصغرى بنت الإمام الحسين (ع) أمها «أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي» (2)، ولدت في سنة (30 ه)، وكان لها من العمر عندما حضرت واقعة كربلاء ثلاثون عاماً(3) ، ولذا نستطيع القول بأنها كانت أكبر من أختها سكينة.

كانت فاطمة الصغرى امرأة فاضلة ولها مكانة دينية وعلمية، وقد شهد لها أبوها سيدالشهداء (ع) بذلك، عندما قدم الحسن المثنى لخطبة إحدى بنات الإمام (ع)، فقال الإمام (ع) له: إنني اخترت لك فاطمة التي تشبه أمي فاطمة، وهي ذات دين، وتقوم الليل بالصلاة والعبادة، تصوم النهار، وهي شبيهة بالحور العين (4).

وكانت فاطمة تنقل الأحاديث وترويها عن أبيها، وأخيها الإمام زين العابدين (ع)، وعمتها زينب، وعبد الله بن عباس، وأسماء بنت عميس.


1- بحارالأنوار 112: 45؛ أسد الغابة في معرفة الصحابة 469: 5.
2- بحارالأنوار 331: 45؛ دائرة المعارف الإسلامية الشيعية 25: 1.
3- الكامل في التاريخ 35: 4؛ تهذيب التهذيب، ابن جحر 442: 12
4- مقتل الحسين 7، عبد الرزاق المقرم: 400

ص: 42

ونقل عنها عدة روايات كلٌ من أبنائها عبد الله، وإبراهيم، وحسين، وأم جعفر، وأبو المقدام، وزهير بن معاوية، وقد وردت أحاديثها في سنن الترمذي، وأبي داود، وابن ماجه، والنسائي، ومؤلفات ابن حجر.

وكانت فاطمة وعمَّتها زينب ملجأ ومأمناً لأهل البيت: بعد واقعة كربلاء، ولها خطبة عصماء في بلاط عبيد الله بن زياد، ويزيد، وفيها من البلاغة والفصاحة ما ينمّ عن تمام شرفها ونسبها لأميرالمؤمنين (ع). (1) توفيت سنة (110 ه)، ويقع ضريح فاطمة الصغرى خلف قبر سكينة وأم كلثوم 8، ومكتوب على قبرها هذه الجملة: «هذا قبر فاطمة بنت أحمد بن الحسين الشهيد»، ويشاهد تاريخ عام (439 ه)، ولذا من المحتمل الأغلب، ولأننا لا نملك رواية تتحدث عن سكن السيدة فاطمة الصغرى بدمشق، فإن القبر المذكور يعود إلى إحدى حفيدات الإمام الحسين (ع) لا لإبنته.

ومن جهة أخرى تؤكد كثير من الروايات بأن فاطمة الصغرى توفيت في منزلها أي خلف مسجد النبي (ص)، وأنها دفنت في البقيع (2).


1- بحارالأنوار 331: 45؛ الاحتجاج، الطبرسي 302: 2.
2- لأجل التحقيق المفصل راجع كتاب تاريخ وآثار اسلامى مكه مكرمه ومدينه منوره: 260.

ص: 43

4- مقام السيدة حميدة بنت مسلم

في مقبرة باب الصغير بدمشق قبر ينسب إلى حميدة بنت مسلم، وهذه البنت من المسبيات من أهل البيت:، ولها قصة مع الإمام الحسين (ع) وهي طفلة لا تتجاوز الخامسة من عمرها.

يقول أرباب المقاتل: فلمّا خرج الحسين (ع) من مكّه متوجّهاً نحو العراق جاء من يخبر الإمام الحسين (ع) بشهادة مسلم بن عقيل سفيره إلى الكوفة.

فنادى الإمام الحسين (ع) (حميدة) ومسح على رأسها، فعلمت حميدة أن أباها قد استشهد، فقالت لعمها الحسين (ع): أأُستشهد أبي؟ قال لها الحسين (ع) والعبرة في حدقته: وما يدريك؟. قالت: يا عم رأيتك تفعل بي كما يفعل مع اليتيم ...

5- القبر المنسوب إلي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (ع)

يوجد في باب الصغير قبر منسوب لعبد الله بن جعفر زوج السيدة زينب 3، ويقع القبر المنسوب إليه في داخل حجرة مع القبر المنسوب لبلال الحبشي.

والأرجح أنّ عبدالله توفي في المدينة سنة الجحاف التي حدثت بمكة المكرمة، ودفن في مقبرة البقيع جنب عمِّه عقيل.(1)


1- سنة الجحاف السيول هي سنة الثمانين للهجرة، الإصابة 47: 3؛ مختصر تاريخ دمشق 72: 12.

ص: 44

كان عبد الله أول مولود يولد في الحبشة، وكان له من العمر عشر سنوات عندما توفي الرسول (ص)، واستشهد والده الملقّب ب- «ذي الجناحين» في غزوة مؤتة.

وقد شبّه الرسول (ص) عبد الله بن جعفر إليه من الناحية الخَلقية والخُلقية، وقد شبّهه البعض بحاتم الطائي من ناحية الكرم والسخاء .(1)

ويقول المرحوم المحدث القمي: إنه قرأ في (مروج الذهب) لما نفدت أموال عبدالله بن جعفر دخل المسجد الجامع يوم الجمعة طالباً من الله تعالى أن يزيد في رزقه وماله ليستمر بالبذل والعطاء لمن عوّدهم في العطاء، أو أن يأخذه من الدنيا إليه، فلم يستمر أسبوعاً على دعائه حتى رحل عن الدنيا الفانية.

لقد كان عبد الله رجلًا عابداً وكريماً، وكان هو بمعية زوجته زينب 3 في كنف وخدمة الإمام علي (ع)، واستشهد ثلاثة من أبنائه مع خالهم الإمام الحسين (ع)، وهم: عبد الله، وعون، ومحمد.

مواقف مشرفة لعبدالله بن جعفر

قد شارك عبد الله بن جعفر مع عمِّه أميرالمؤمنين (ع) في حروبه في الجمل وصفين، حيث كان عبدالله يتقدم على عمّه (ع) في صفين


1- الإصابة، ابن حجر 47: 3؛ ومختصر تاريخ دمشق، ابن منظور 72: 12- 78؛ أسد الغابة 135: 3.

ص: 45

ليفديه بنفسه ويدفع عنه المكاره.(1) وبعد استشهاد أميرالمؤمنين (ع) وانتقال الإمامة والخلافة إلى ولده الإمام الحسن (ع)، كان عبد الله بن جعفر مع الإمام الحسن (ع) في جميع مواقفه، وهذا يدلّ على شدّة ولائه للإمام الحسن (ع).

ولمّا عزم الحسين (ع) على الخروج إلى كربلاء، كان لعبد الله بن جعفر موقف عظيم معه، حيث أذن لزوجته السيدة زينب 3 بمرافقة أخيها الحسين (ع) في مسيره إلى كربلاء، كما أنه أمر ابنيه محمداً وعوناً أن يكونا مع خالهم الحسين (ع)، ليكونا عوناً له في نهضته، وقد جاهدا في كربلاء واستشهدا في ملحمة عاشوراء.

6- مقام عبدالله بن الإمام جعفر الصادق (ع)

ويقع قبر عبدالله أعلى قليلًا عن قبر السيدة فاطمة الصغرى، ولقد ادَّعى الإمامة بعد وفاة الإمام الصادق (ع) ولكن توفي بعد وفاة أبيه بسبعين يوماً.

7- مقام عبد الله بن الإمام زين العابدين (ع)

المعروف بعبد الله الباهرلجماله، يقع قبره قرب الجدار الشرقي لباب الصغير، كان فاضلًا يروي عن جدِّه رسول الله (ص)، ولقد عاش 57 سنة وتوفي بالمدينة أو بالشام، ولكن في كتاب (تحفة الأزهار)


1- تاريخ الطبري 148: 5 عن وقعة صفين.

ص: 46

للسيد ضامن بن شدقم، يقول: إنَّ عبد الله بن الإمام السجاد (ع) دفن في مدينة بسطام من مدن إيران في محافظة سمنان.

8- مقام عبد الله بن الإمام الباقر (ع)

في مقبرة باب الصغير قبر عبد الله بن الإمام الباقر (ع)، أمه وأم أخيه الإمام جعفر الصادق (ع) هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. قال الشيخ المفيد (رحمة الله): كان عبد الله يشار إليه بالفضل والصلاح (1).

ب) مدفن رؤوس شهداء كربلاء

اشارة

بعد أن قطّعوا أهل بيت رسول الله (ص) في كربلاء إرباً إرباً أصدر عمر بن سعد الأمر بقطع رؤوس الشهداء، وبعد هذا العمل المشين والشنيع، قسّموا الرؤوس بين القبائل لكي يتقربوا بهذه الطريقة إلى ابن زياد، فأخذت قبيلة كندة تحت إمرة قيس بن الأشعث الكندي ثلاثة عشر رأساً، وأخذت قبيلة هوازن بإمرة شمر بن ذي الجوشن اثني عشر رأساً، وأخذت بنو تميم سبعة رؤوس، وبنو أسد ستة عشر رأساً، حيث رفعوها على رؤوس الرماح، ودخلوا الكوفة(2) .

وقد أصدر عبيد الله بن زياد أمره بتقديم الرؤوس أمام قافلة


1- منتهى الآمال 183: 2.
2- مقتل الحسين 7، عبد الرزاق المقرم: 391؛ الفصول المهمة: 197.

ص: 47

السبايا والتحرك بها نحو الشام، فوصلت القافلة في الأول من شهر صفر إلى دمشق، وقبل دخولها زُيّنت دمشق بأبهى الزينة، ووقف النساء والرجال على جانبي الطريق وهم يهللون ويكبّرون فرحاً، فدخلت قافلة سبايا أهل البيت: تتقدمها الرؤوس المقدّسة على الرماح، ورأس أبي الفضل العباس، ورأس سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) في مقدمتها وأمام أنظار النساء(1) ، وعند طلوع الشمس أدخلت رؤوس الشهداء وقافلة السبايا من «باب الساعات» إلى المسجد الأموي، وعند ذلك وبأمر من يزيد علقت الرؤوس لمدة ثلاثة أيام على أبواب المدينة وفي المسجد الأموي (2).

مشهد رؤوس الشهداء (عليهم السلام)

يقع هذا المشهد في جادة آل البيت: من مقبرة باب الصغير، وقد وضع في داخل الضريح أقمشة على ستة عشر من رؤوس شهداء كربلاء المقدسة الذين أدخلوا إلى دمشق وقد كتب على كل قماشة اسم صاحب الرأس، كما يلي:

1- العباس بن علي (ع)

2- عمر بن علي


1- دمع السجوم، أبو الحسن الشعراني: 242؛ بحارالأنوار 124: 45- 128.
2- أعيان الشيعة، محسن الأمين 627: 1؛ دائرة المعارف الشيعية 32: 1.

ص: 48

3- علي الأكبر (ع)

4- القاسم بن الحسن (ع)

5- عبد الله بن علي (ع)

6- الحر بن يزيد الرياحي

7- الحسين بن عبدالله

8- حبيب بن مظاهر

9- أبو بكر بن علي

10- عثمان بن علي (ع)

11- محمد بن علي

12- عوف بن عبد الله

13- عبد الله بن مسلم

14- عبد الله بن عقيل

15- جعفر بن عقيل

16- جعفر بن علي (ع).

وهذه الرؤوس قد أرسلها ابن زياد بأجمعها إلى الشام، ولكن لم يذكر في التاريخ ما يثبت خروجها من الشام عدا رأس الحسين (ع) على خلاف في وجهته، فالمظنون قوياً أن هذه الرؤوس قد دفنت في هذا المكان، والله تعالى العالم (1).

وهناك مسجد بقرب مشهد الرؤوس، يسمى مسجد الإمام زين


1- اماكن زيارتي سياحتي سوريه، اصغر قائدان: 98

ص: 49

العابدين (ع)، وهو المكان الذي نزل فيه أسارى آل البيت: حين وردوا دمشق، ويعتبر أقدم مسجد في دمشق، حيث بات فيه أهل البيت: برهة من الزمن، ثم نقلوا إلى الشاغور، ومنها إلى باب الساعات، ومنها نقلوا الإمام السجاد (ع) والسبايا إلى الجامع الأموي، وأعادوهم إلى هذا المسجد.

ج) مقابر صحابة رسول الله (ص) والتابعين

1- بلال بن حمامة الحبشي مؤذن الرسول (ص)

كان بلال بن رباح من صحابة رسول الله (ص) ومؤذنه، وهو من العبيد السود، وكان من الحبشة، وقد اشتراه أمية بن الخلف، حيث أمضى سنوات عديدة من عمره تحت ظلمه وسلطته، حتى بعث النبي (ص) بالرسالة، ولأن الإسلام الذي ظهر في محيط شبه الجزيرة، كان شعاره المساواة والعدالة بين الجميع، فإن كثيراً من العبيد والعباد استقبلوا الدين الجديد، وكان أحد هؤلاء العبيد السود بلال الحبشي، الذي لم يتنازل عن الإسلام رغم كل الأذى والظلم وأنواع العذاب من المشركين، وبالأخص من سيده أمية.

وهاجر بلال بعد هجرة رسول الله (ص) إلى المدينة المنورة، وقد جعله (ص) مؤذناً له، وعندما توفي الرسول (ص) طلب منه أبو بكر أن يستمر في أذانه، ولكنه رفض وقال: أقسمت أن لا أؤذن لأحد بعد رسول الله (ص).

ص: 50

فقال له عمر بن الخطاب: وهل هذا جزاء من قام بتحريرك؟

فقال بلال: إذا قام أبوبكر بتحريري لله سبحانه، فأرجو منه أن يتركني حراً لله، ولكنه إذا حررني لغير الله فإني مستعد الآن لردّ جميله .(1)

وقدم بلال إلى دمشق، وسكن على رواية في منطقة «داريّا» إحدى نواحي دمشق، وتوفي في سنة (20 ه)(2) ، وعلى رواية في السنة (1 (ع) للهجرة) (3)، وذلك في عهد خلافة عمر بن الخطاب، عن عمر يناهز (63 عاماً)، ودفن في باب الصغير.

وقد اختلف الرواة حول مكان دفنه، فقد نفى ابن كثير القبر المنسوب إليه في باب الصغير، وأشار أن مدفنه في منطقة «داريّا»، وأضاف قائلًا: أن القبر الموجود حالياً في باب الصغير ليس له، وإنما هو قبر «بلال بن أبي الدرداء» قاضي دمشق الذي كان زاهداً وعابداً .(4)

2- القبر المنسوب إلي عبد الله بن أم مكتوم

عبدالله بن أم مكتوم، من الأصحاب الأخيار لرسول الله (ص)، وهو من المسلمين الأوائل، وكان كاتباً وحافظاً للقرآن الكريم، ونائباً عن الرسول (ص) على المدينة المنورة عندما كان (ص) يذهب إلى غزواته، وقيل قد هاجر إلى الشام وتوفى ودفن هنا في باب الصغير وهناك


1- رياض السياحة، الشيرواني 423: 2.
2- غوطة دمشق، كرد علي: 114.
3- زيارات الشام، ابن الحوراني: 44.
4- غوطة دمشق، كرد علي: 115.

ص: 51

قول ليس مستبعداً أنه دفن في البقيع.

3- قبر فضة خادمة الزهراء (س)

«فضة النوبية» هي إحدى بنات ملوك الحبشة، أو الهند (1)، وكانت هذه السيدة الجليلة في خدمة السيدة الزهراء 3 سنوات عديدة، وكانت لا تتكلم إلا بالقرآن الكريم أكثر من عشرين عاماً، وعلى نقل بعض المفسرين، وكانت شريكة في إيثار أهل البيت: في إعطاء طعامهم إلى المسكين واليتيم والأسير، وقد دعى لها الإمام علي (ع) قائلًا: «اللهم بارك لنا في فضتنا».

إضافة إلى أن هذه السيدة العابدة، والعالمة، كانت مخزناً لأسرار بيت الرسالة، فلذا أميرالمؤمنين علي (ع) يقول عنها:

إن فاطمة أخذت عهداً مني أن لا يعلم أحد بوفاتها إلا أم سلمة، وأم أيمن، وفضة، ولهذا كانت فضة حتى نهاية عمر السيدة فاطمة 3 في خدمتها، وبعد وفاتها كانت بخدمة الإمام الحسن والحسين وزينب:، وحضرت كربلاء إلى جانب أهل بيت النبوة، وبعد رجوعها إلى المدينة كانت برفقة زينب 3، وكانت معها عندما رجعت إلى الشام، وبعد وفاتها دفنت في باب الصغير (2).


1- الإصابة، ابن حجر 387: 4.
2- الإصابة، ابن حجر 387: 14.

ص: 52

د) قبور العلماء والعرفاء والأدباء

اشارة

تضمّ مقبرة باب الصغير، وهكذا سائر مقابر دمشق عدداً من قبور العلماء و العرفاء، نذكر المشهور منهم:

الأوّل- مقبرة باب الصغير

1- شمس الدين الذهبي

2- ابن هشام النحوي

3- ابن قيم الجوزية

4- ابن عساكر الدمشقي

5- ابن حوراني الدمشقي

6- ابن مالك النحوي.

الثاني- مقبرة الصوفية

1- إبراهيم القونوي

2- أحمد بن بدر الدين

3- فخر بن عساكر

4- ابن كثير الدمشقي.

الثالث- مقبرة باب توما وباب شرقي

1- شرحبيل بن حسنة

2- زرارة بن الأزور الأسدي

ص: 53

3- معاذ بن جبل

4- أبان بن أبان

5- الشيخ أرسلان الدمشقي.

4- قاسيون، جبل الأنبياء والأولياء

اشارة

إحدى المناطق القديمة والتي تطل على دمشق هي «قاسيون»، وكان الناس يسكنونها قبل إعمار مدينة دمشق، وهي تعرف اليوم بالصالحية، وأمضوا على هذه الحالة سنوات عديدة حتى بدأوا بتعمير مدينة دمشق بعد أن ضاقت عليهم الكثافة السكانية (1)، ولذلك نستطيع القول بأن الآثار الموجودة في حضن هذا الجبل تكون أقدم في بعض النواحي من الآثار الموجودة داخل مدينة دمشق، ولهذا الجبل قدسية خاصة عند أهالي مدينة دمشق لأنه كان مسرحاً لحضور عدّة أنبياء، وقد دفن البعض منهم فيه، ويروى عن الرسول (ص): «بدمشق جبل وُلد في أسفله أبيي إبراهيم» (2).

وأمّا الآثار التاريخية والإسلامية لجبل قاسيون (الصالحية) فهى:

أ) مغارة الدم (مقتل هابيل)

توجد على جبل قاسيون (في محلة الأربعين) مغارة يقال بأن


1- القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، ابن طولون: 10.
2- زيارات الشام، ابن الحوراني: 96.

ص: 54

قابيل قتل بيده أخاه هابيل فيها (1)، عندما قرّب هابيل (ع) في مكان الجامع الأموي وعلى الصخرة المسماة بصخرة القربان كبشاً لأجل التقرّب به إلى المقام الإلهي عز وجل، فجاءت نار فالتهمت ذلك القربان، وهي دليل على قبوله من قبل الله سبحانه، وقابيل جاء بسنابل من القمح ووضعها على نفس تلك الصخرة، ولكنها لم تقبل منه، ولم تلتهمه النيران كما فعلت بقربان أخيه هابيل، ولهذا فقد حمله الغدر والحقد على أخيه.

وقد تبع أخاه هابيل نحو جبل قاسيون، وكان يفكر بطريقة للخلاص منه، وفي هذه الأثناء ظهر له إبليس وعلمه كيفية قتل أخيه، ولذلك وفي الفرصة السانحة له على قمة الجبل المذكور ضرب بصخرة كبيرة على رأس أخيه فقتله (2)، فأريقت دماء هابيل على صخرة موجودة هناك، ثم رفع جسد أخيه على ظهره وكان متحيراً في كيفية الخلاص منه، حتى مشى عدة فراسخ وتذكر عندما رأى كيفية دفن غراب لغراب آخر، فدفن أخاه في ذلك الموضع، واليوم يُعرف ذلك المكان بقبر هابيل، وهو في طريق الزبداني من ضواحي دمشق حيث يقصده الزوّار من كلّ مكان، والموضع الذي أريق فيه دماء هابيل يسمى اليوم ب- «مغارة الدم»، ويقال بأن الدعاء فيها مستجاب.


1- مروج الذهب 112: 2؛ زيارات الشام: 118.
2- مروج الذهب 112: 2؛ معجم البلدان 296: 4.

ص: 55

وتقع مغارة الدم أسفل قليلًا عن مغارة أصحاب الكهف المعروفة وهي قرب مغارة الجوع، ويُعرف اليوم هذا المكان ب- «الأربعين» (لذكرى أربعين نبياً أوذكرى أربعين يوما لإعتكاف بعض الأنبياء فى هذا المكان) (1).

ب) مغارة الجوع (الأربعين)

على جبل قاسيون، وفي «محلة الأربعين» وقرب مغارة الدم، هناك «مغارة الجوع»، وفي هذه المغارة مات أربعون نبياً أو ولياً من الأولياء الصالحين من أثر الجوع (2)، وقد التجأ هؤلاء الأنبياء إلى هذه المغارة هرباً من ظلم الحكومات الظالمة التي كانت تتعقبهم، فكانوا يعيشون فيها حتى قضوا نحبهم واحداً بعد الآخر من شدّة الجوع.

وقد بُني مسجد في مكان مغارة الدم من قبل السلطان العثماني «أحمد باشا» وذلك في سنة (1018 ه)، وعلى ذكرى أربعين نبياً صنع أربعون محراباً صغيراً، وهي تفتح أبوابها أيام الجمعة للزائرين (3) .


1- زيارات الشام، ابن الحوراني: 118.
2- رياض السياحة، الشيرواني 421: 2.
3- ثمار القاصد في ذكر المساجد، يوسف عبد الهادي: 192.

ص: 56

ج) المغارة المنسوبة لأصحاب الكهف

على جبل قاسيون، وفي قرب مغارة الجوع تقع مغارة ومقام تنسب لأصحاب الكهف، علماً أن بعض المؤرخين يرون أنَّ مغارة أصحاب الكهف موجودة في أفسوس (من مدن الرومان)، أو طرسوس بتركيا (1)، ورواية وجودها على جبل قاسيون لاتستند على مصدر تاريخي، أمّا المرحوم العلامة الطباطبائي حسب الآيات القرآنية التي تشير إلى اصحاب الرقيم (رجيب)، يرى أن الكهف كان في قرية رجيب الواقعة على بُعد 8 كيلومترات من مدينة عمّان الأردنية(2) .

والقرآن الكريم يذكر قصة أهل الكهف في سورة الكهف بدءاً من الآية 9 إلى الآية 26، (إِنّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً) (3) حيث رفضوا الشرك بالله وآمنوا بالواحد الأحد القهار، وهربوا من حاكم مدينة أفسوس الظالم، ولجأوا إلى الكهف حفاظاً على إيمانهم، وناموا ولبثوا فيه ثلاثمائة وتسع سنين، وكانت معجزة من رب العالمين.

د) مرقد العارف محي الدين بن عربي

أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي المكي


1- راجع مروج الذهب، المسعودي 302: 1.
2- راجع تفسير الميزان ج 13 ذيل سورة الكهف.
3- الكهف: 13.

ص: 57

الشامي المشهور ب- «ابن عربي»، فالعربي نسبة إلى العرب، والطائي فهو من قبيلة طي، والحاتمي لأنه من أحفاد وأولاد علي بن حاتم الذي يعود نسبه إلى حاتم الطائي، والأندلسي لأنه كان يسكن الأندلس في زمن كانت الأندلس دولة إسلامية عربية، والمكي لأنه سكن مكة فترة من الزمن، والدمشقي لأنه استوطن دمشق وتوفي فيها.

كان ابن عربي، من اعظم الفلاسفة والعرفاء في القرن السادس الهجري، ولد في الأندلس سنة (506 ه)، وتوفي بدمشق سنة (638 ه)، ودُفن حيث قبره الآن بالمنطقة المسمّاة باسمه (منطقة محي الدين)، شمال المدينة في منطقة «الصالحية» ويقع جامع ومدرسة محي الدين على مقربة من مرقده.

لقد التقى ابن عربي وعمره عشرون عاماً بالمفكّر المسلم ابن رشد، وكان لقاءً تاريخياً ترك آثاراً عميقة على كليهما، وبعد هذا اللقاء عمد ابن عربي إلى السفر والسياحة في الأندلس، ثمّ أفريقيا وتباحث مع مختلف العلماء والمفكرين، ثم رحل عن أفريقيا إلى الشرق الإسلامي ودخل مكّة المكرّمة عام 598 ه- وتشرّف بحج بيت الله وألَّف فيها كتاب (الفتوحات المكيّة)، وبعدها زار الروم وتوجه من هناك إلى بغداد فالتقى بالشيخ شهاب الدين السهروردي (مؤسس حكمة الإشراق)، ومن بغداد توجّه إلى حلب، ومنها إلى دمشق التي توفّي فيها.

وكان لابن عربي مؤلفات كثيرة (حوالي 200 كتاب) والتي من

ص: 58

أهمها الفتوحات المكية، وفصوص الحكم، والجدير ذكره أننا نرى ونشاهد بين مؤلفاته عدداً من الرسائل التي تظهر ميله للتشيع، فله عدّة رسائل حول الإمام المهدي [وظهوره، وحول الأئمة المعصومين:.

ويصف الأستاذ الشيخ المطهري محي الدين بن عربي قائلًا: «لقد أخرج محي الدين بن عربي العرفان في صورة مقدسة، وعرضها على الفلاسفة، ومن دون شك كان الرائد للعرفان النظري في الإسلام، لقد كان محي الدين بن عربي أعجوبة الحياة، فكان له قدم السبق في العرفان العملي كما كان في العرفان النظري بلا نظير، لقد أوجد محي الدين صوتاً عرفانياً في العالم الإسلامي بدءاً من الأندلس وحتى مصر والشام وإيران والهند، وكان فخر الدين العراقي، وابن الفارض المصري، وداود القيصري، وعبد الرزاق الكاشاني، والمولوي البلخي، ومحمود الشبستري، وحافظ، والجامي، كلهم من تلامذة مدرسته».

لقد أوصى الإمام الخميني (قدس سره) في رسالته القيمة والتاريخية إلى كوربا تشوف رئيس الاتحاد السوفياتي السابق إلى معرفة الإسلام، ومطالعة العلوم والفلسفة والعرفان الإسلامي، إضافة إلى مطالعة كتب محي الدين بن عربي، وبالأخص كتابه (الفتوحات المكية).

***

ص:59

ص: 60

الفصل الثالث: مزارات في ضواحي دمشق

اشارة

ص:61

ص: 62

1- مرج عذراء (مرقد حجر وأصحابه)

اشارة

يقع ضريح حجر بن عدي الكندي في سهل يسمى مرج عذراء، ويبعد عن مركز مدينة دمشق حوالي (30 ك. م) شرق المدينة، ويؤمّ مزاره المسلمون من كافة أنحاء العالم.

الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي (1): هو رجل من أشراف أهل اليمن ومن فضلاء الصحابة، وكان معروفاً بأنه من مستجابي الدعاء (2)، وقال عنه الحاكم النيسابوري أنه راهب أصحاب محمد (ص)(3) .

قدم حجر على رسول الله (ص) مع أخيه هاني وأسلما وشهدا المواقف من الغزوات والحروب الإسلامية، منها: القادسية وهو الذي فتح مرج عذراء، واستشهد هو في نفس المكان الذي فتحه، ولعلّ في ذلك حكمة و كرامة له.


1- حُجر، بضم الحاء وسكون الجيم.
2- الاستيعاب 231: 1.
3- المستدرك على الصحيحين 468: 3.

ص: 63

لقد كان حجر بن عدي من الأصحاب الكبار لرسول الله (ص)، ولم يصاحب الرسول (ص) إلا عدة سنوات، وبعد رحيله (ص) ولأجل اعتقاده الراسخ بالنص على ولاية الإمام علي (ع)، وبمعيّة قبيلته (كندة) لم يبايع الخليفة، ولم يكن له دور بارز في عهد الخلفاء الثلاثة في الحياة السياسية والاجتماعية باستثناء قيادته (الهجوم على جلولاء) التي كان يترأس فيها الجناح الأيسر لجيش المسلمين (1).

وأمّا في عهد خلافة الإمام علي (ع) فكان لحجر دوراً بارزاً ومؤثراً في حكومته، وكان القائد والأمير على قبيلته (كندة) في حروب الجمل وصفين، وكان في وقعة النهروان قائد الجناح الأيسر لجيش الإمام (ع).

وفي عهد خلافة معاوية، فإنّ هذا الصحابي الشجاع كان عنواناً ومصداقاً بارزاً لشيعة الإمام علي (ع)، وكان اعتراضه لمعاوية وبالأخص لواليه الفاسق على الكوفة «المغيرة بن شعبة»، قد وضع معاوية وواليه في مواجهة الخطر.

وعندما وصل زياد بن أبيه إلى سدّة الحكم في الكوفة وأبرز حقده الدفين وعداءه لشيعة الإمام علي (ع)، كان حجر بن عدي يواصل الدفاع عن إمامه (ع).

وقد سعى زياد في البداية، بالطمع تارةً والتهديد أخرى، ليهدئ حجراً وأتباعه، حتى أنه اقترح عليه العضوية في مجلس حكومة


1- فتوح البلدان: 264؛ الاصابة 313: 1.

ص: 64

الكوفة، ولكن حجراً، لم يتنازل عن عقيدته ولم يقبل ذلك أبداً.

وأخيراً اعتقل زياد حجراً وأربعة عشر من أتباعه وذلك بتهمة تأييده للإمام علي (ع) وأبنائه وأرسلهم إلى معاوية في الشام، وقد تدخّلت بعض القبائل للإفراج عن سبعة منهم، فبقي حجر وسبعة من الأتباع الذين سيفرج عنهم إن هم تبرأوا أمام الملأ من الإمام علي (ع)(1) .

وعلى رواية المسعودي، فإن رئيس الحرس الذي اعتقل حجراً قال له: إن لنا أمراً بضرب عنقك وأعناق أتباعك إلا أن ترجعوا عن علي، فتلعنوه وتتبرأوا منه، فقال حجر وأتباعه: إنّ الصبر على حدّ السيف لأيسر علينا ممّا تدعونا اليه، ثمّ المقدم على الله وعلى نبيّه وعلى وصيّه أحبّ إلينا من دخول النار.

وكان الإمام علي (ع) قد قال لحجر: يا حجر كيف بك إذا أُمرت بالبراءة مني؟ فقال حجر: والله إذا قطعت بالسيف إرباً إرباً وحرقت لرجّحت ذلك على البراءة. (2) ولمّا أرادوا قتل حجر و أصحابه، طلب حجر أن يؤدي ركعتين من الصلاة وأطالها قليلًا، فقالوا له: هل تخاف من الموت؟ فقال:

لا والله، إن كنت خائفاً من الموت لطوّلت صلاتي أكثر من هذا، وعند ذلك أمر رئيس الحرس بضرب رقابهم واحداً تلو الآخر، وكان ذلك


1- راجع أنساب الأشراف 214: 4؛ الطبقات الكبرى 219: 4.
2- نفس المهموم: 64.

ص: 65

في سنة 51 للهجرة من شهر شعبان.(1) وقالت عائشة لمعاوية حين دخل عليها: يا معاوية أقتلت حجراً وأصحابه؟ أما إني سمعت رسول الله (ص) يقول: «يقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات».(2)

أسماء أصحاب حجر الراقدين جنبه

- شريك بن شداد الحضرمي وولده همّام.

- صيفي بن فسيل الشيباني.

- قبيضة بن ضبيعة العبسي.

- محرز بن شهاب السعدي.

- عبد الرحمن بن حسان العنزي، وكدام بن حيان العنزي.

واليوم فإن الأجساد الطاهرة لهؤلاء الصفوة، يؤمّها الزوار في (عذراء)، والجدير ذكره أنه قد دفن أجساد حجر بن عدي وأتباعه في هذا المكان، وأما رؤوسهم فقد دفنت في (مسجد الأقصاب) القريب من مقام السيدة رقية 3.

2- المزة وقبور الصحابة

تقع المزة في الناحية الشمالية الشرقية لدمشق، وفي هذه المنطقة دفن فيها الصحابي دحية الكلبي ويقع قبره في المقبرة العمومية


1- تاريخ الطبري 131: 2.
2- تاريخ اليعقوبي 231: 2.

ص: 66

للمنطقة التي تبعد حوالي (500 م) عن الشارع الرئيسي، وكان هذا الصحابي من الزهّاد والعبّاد، ويقال إنّ في يوم من الأيام هبط جبرئيل (ع) على هيئة صورته.

وفي منطقة المزة أيضاً، قرب جامع أسامة بن زيد يوجد قبران أحدهما لمحمد بن الإمام الحسن (ع)، والثاني لأبي القاسم بن محمد حفيد ذلك الإمام (ع)، ويبعد المكان عن الشارع الرئيسي (300 م).

3- داريا وآثارها الدينية

اشارة

«داريّا» إحدى المناطق الكبيرة من نواحي دمشق، وهي تبعد أربعة كيلو مترات عن دمشق وعلى الجهة الغربية منها، ونسبت المنطقة إلى شخص يُدعى «داراني»، وفيها مقام السيدة سكينة المنسوبة للإمام علي (ع) وقبر ينسب إلى بلال الحبشي، وقبر التابعي ابي مسلم الخولاني.

مقام السيدة سكينة في داريّا

نجد اليوم في منطقة داريّا، من ضواحي مدينة دمشق مقاماً شامخاً، تساهم في تشييده الجمهورية الإسلامية، وهو مقام ينسب للسيدة سكينة بنت الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع). علماً أن أهل بلدة داريّا ينسبون القبر المذكور لهذه السيدة العلوية، ويعرفونه منذ عشرات السنين ويزوره الناس من مختلف أنحاء

ص: 67

المعمورة، وقد ظهرت في هذه البقعة بعض الكرامات لهذه السيدة.

ولضرورة عمارة بيوت آل محمد (ص)، ومشاركة لتخليد ذكراهم، وتعظيماً لمقامهم، أن نشير في كتابنا إلى هذا المكان المقدس، ونترك التحقيق في هذا الأمر لأصحاب الاختصاص.

مقام حزقيل

يقع في داريّا ضريح «حزقيل» مؤمن آل فرعون، الذي ورد ذكره في سورة غافر، ويقول البعض بأنه حزقيل بن بوري النبي الذي ابتلى الله قومه بالطاعون، وأنزل فيهم سبحانه آية (243) من سورة البقرة(1) .

قبر بلال الحبشي

ذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) وجود قبر بلال الحبشي في داريا، لأنه عندما دخل الشام سكن في هذه المنطقة وفيها توفي، واعتبر ابن كثير القبر الموجود في باب الصغير بأنه لبلال بن أبي الدرداء قاضي دمشق.


1- تاريخ حلب، محمد بن علي العظيمي الحلبي: 63.

ص: 68

الفصل الرابع: المعالم الدينية في مدنحمص، حماة، حلب، الرقة، بصري

اشارة

ص:69

ص: 70

مدينة حمص

اشارة

حمص هي إحدى المدن القديمة في بلاد الشام، تبعد عن دمشق ب- (145) كيلومتراً باتجاه الشمال، حيث تقع بين دمشق وحلب، نسبوا بناء هذه المدينة إلى رجل اسمه حمص بن مهر بن جان بن مكنف، أو حمص بن مكنف العمليقي، وكانت هذه المدينة قبل ظهور الإسلام من ضمن الإقليم الرابع، تحت الاحتلال اليوناني، أرسل عمر بن الخطاب إليها أبا عبيدة بن الجراح لفتحها، وأرسل خالد بن الوليد أيضاً لهذه المهمة قبل أبي عبيدة، ثم جاء إليها عددٌ كبير من الصحابة وقرّاء القرآن لأجل نشر الإسلام فيها، ولهذا السبب نجد اليوم فيها من المراقد والمزارات لهؤلاء الصالحين منها:

جامع ومقبرة أولاد جعفر الطيار.

جامع ومقبرة عمر بن عبد العزيز.

قبر قنبر مولى أمير المؤمنين (ع).

قبور صحابة رسول الله (ص).

ص: 71

جامع ومقبرة أولاد جعفر الطيار

يوجد بالقرب من جامع خالد بن الوليد وفي الشارع الأيسر منه، بما يقارب 300 متراً نحو الجنوب، جامع صغير، يعرف باسم جامع الطيار، ويوجد في باحة هذا الجامع قبران، هما لولدي جعفر الطيار (ع) عبد الله وعبيد الله، وهذان القبران ليس لهما ضريح ولا قبة، يقعان في آخر الباحة وفي داخل حجرة صغيرة.

جامع ومقبرة عمر بن عبد العزيز

يوجد بالقرب من جامع الطيار بمسافة 200 متراً نحو الشمال، وفي الجانب الأيسر للشارع جامع باسم جامع عمر بن عبد العزيز، حيث يكون فيه قبره، يرجع بناء هذا الجامع إلى زمن العثمانيين، و قيل بأن قبره يقع في منطقة بالقرب من قضاء معرة النعمان قرب حلب، ويذكر أن عمر بن عبد العزيز كان أحد الخلفاء الأمويين، وكان معروفاً بالعدالة وهو الذي رفع اللعن عن أميرالمؤمنين (ع) وقام ببعض الإصلاحات الاجتماعية والدينية.

قبر قنبر مولي الإمام علي (ع)

في (معجم البلدان) ذيل مادة حمص، قال: «قبر قنبر مولى علي (ع) قتله الحجاج بحمص مع ابنه ... وقيل: قبره بجنب كميل بن زياد في

ص: 72

النجف». (1)وجاء في هامش (رجال الكشي)(2) : كان قنبر من أولاد السلاطين ومن خطبائهم، جمع الخطب بعد علي (ع) وباعها لمعاشه و قال المفيد في (الإرشاد): روى أصحاب السير من طرق مختلفة أن الحجاج قال ذات يوم: أحب أن أصيب رجلًا من أصحاب أبي تراب وأتقرب إلى الله بدمه، فقيل له: ما نعلم أحداً كان له أطول صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه، فبعث في طلبه فأتي به، فقال له الحجاج: إبرأ من دين علي.

فقال له قنبر: فإذا برئت من دينه، أتدلني على دين غيره أفضل منه؟

قال الحجاج: إني قاتلك فاختر أيّ قتلة أحبّ إليك.

فقال له قنبر: قد صيّرت ذلك إليك، لأنك لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها، ولقد أخبرني أمير المؤمنين (ع) أن منيّتي تكون ذبحاً ظلماً بغير حق. فأمر بقتله، فضربت عنقه.

قبور الصحابة في حمص

1- عمر بن عنبسة

2- شداد بن شرحبيل

3- شرحبيل بن أوس الكندي

4- عبد الله بن سفيان الأزدي


1- راجع دائرة المعارف الشيعية 395: 12.
2- رجال الكشي للطوسي: 145.

ص: 73

5- عبد الرحمن بن عميرة المزني

6- عبد الله بن بسر المازني

7- ثوبان: وهو غلام للنبي (ص) توفي سنة 45 للهجرة

8- سعيد بن عامر بن حذيم، توفي سنة 20 للهجرة

9- سفينة بن مهران بن الفروخ: وهو غلام فارسي كان للنبي (ص)

10- هلال بن الحرث (أبي الحمراء): وهو من شيعة الإمام علي (ع)

11- أبو أمامة الباهلي: كان من الرواة لأحاديث النبي (ص) توفي سنة 81 للهجرة.

مدينة حماة

اشاره

حماة من المدن القديمة في العالم، تقع على نهر العاصي، ولقدمها فإنها تحتوي على بعض من الآثار والمشاهد، وتبعد هذه المدينة عن دمشق (185) كيلومتراً باتجاه الشمال، وكانت آنذاك قرية من قرى حمص ولكنها الآن هي إحدى المحافظات.

فتحت هذه المدينة بصورة سلمية في سنة 1 (ع) للهجرة على يد أبي عبيدة بن الجراح، ومع إعطائهم للجزية تم فتح هذه المدينة من دون إراقة للدماء.

توجد في هذه المدينة آثار تعود إلى صدر الإسلام، منها الجامع الكبير، ويسمى أيضاً ب- (جامع الأعلى)، وكان قبل مجي ء الإسلام

ص: 74

معبداً تعبد فيه الأصنام، ثم تحوّل إلى كنيسة، وفي سنة 1 (ع) للهجرة تحول إلى مسجد ومنها:

1- مشهد رأس الإمام الحسين (ع) في جامع الحسين (ع)

يذكر أصحاب التراجم والمؤرخون، أنه حين مُرّ بسبايا آل البيت: والرؤوس معهم في طريقهم إلى دمشق حيث مركز الخلافة الأموية، كان وضع في هذا الموضع رأس الحسين (ع). يقع هذا الجامع بين حي الباشورة والمدينة جنوبي القلعة، مما يلي الخندق.

2- مقام الإمام زين العابدين (ع)

يقوم على قرب حماة الشمالي، مسجد يضم مقاماً يقال إنه مقام الإمام زين العابدين (ع)، إتخذه أو صلى فيه عند مرور سبايا آل محمد (ص) بعد واقعة الطف في طريقهم إلى دمشق ويتألف بناؤه من فنائين يتصلان معاً، تعلوهما قبتان.

مدينة حلب (حلب الشهباء)

اشارة

حلب هي المدينة الثانية من كبريات المدن السورية، تقع في شمال هذا البلد وتبعد عن دمشق ب- (280 كيلومتراً)، و معنى حلب في اللغة هو الحليب المستخرج، وقيل إنها سميت بذلك لأن نبي الله إبراهيم (ع) كان يحلب أغنامه في أيام الجمعة، ثم يتصدق بها على الفقراء.

سكن في هذه المدينة الحيثيون والآشوريون والمصريون

ص: 75

واليونانيون والروم، وكلٌ من هؤلاء جعلوا لها اسماً خاصاً، حيث سموها الحيثيون (حلبا وحلباس)، والآشوريون ب- (حلوان)، واليونانيون ب- (باروا)، والمصريون ب- (حلب)(1) ، وفي القرون الإسلامية سميت ب- (حلب الشهباء)، واليوم أيضاً يطلق عليها هذا الاسم (2).

فتح المسلمون هذه المدينة في سنة 1 (ع) للهجرة على يد أبي عبيدة بن الجراح وبقيادة عياض بن غنم الفهري، بشكل سلمي، وكان لها آنذاك سبعة أبواب، وسورٌ حجري من جميع أطرافها. قد دخل التشيع فيها من جرّاء هجرة آل أبي شعبة إليها من العراق، وفي زمن الحمدانيين وبني مرداس استطاع الفاطميون نقل التشيع إلى حلب بشكل أوسع (3)

وقعت حلب في القرن الرابع والخامس في يد بني مرداس وهم من الحمدانيين، وحدث فيها تطور كبير، ثم إن سيف الدولة الحمداني جعلها عاصمة لدولته ومقراً لحكومته، وأخذ بنشر الإعمار والبناء فيها، وكانت حلب منذ ذلك الوقت في مطمع أنظار الرومانيين، لاسيما القلعة القوية فيها، وسقطت هذه القلعة في إحدى الحروب بيد الإمبراطورية الرومانية، بقيادة (ناكفورفوكاس).

وفي زمن الأيوبيين أصبحت حلب من احدى القواعد العسكرية المهمة


1- رحلة ابن بطوطة، الرحلة: 53؛ زبدة الحلب من تاريخ حلب: 1- 15.
2- الشام الحضارة، عفيف البهنسي: 152.
3- بغية الطلب في تاريخ حلب: تحقيق سهيل زكار 11، وحاليا القليل من سكان حلب من الشيعة ولكن هناك مدينتان قرب حلب باسم نبّل و الزهراء وهما لازال من المدن الشيعية الأصية.

ص: 76

للمسلمين في حربهم ضد الصليبيين، والتي وقعت في أيديهم في إحدى المعارك، وأما في زمن المغول فسقطت في أيديهم وأخذوا بتدميرها(1) .

وفي زمن العثمانيين استعادت حلب رونقها وأصبحت من احدى المراكز المهمة، ثم لما جاء الاحتلال الفرنسي أصبحت حلب تحت سلطة الاستعمار الفرنسي.

أما الآن فإن حلب هي من إحدى المدن التاريخية المهمة في العالم، لما فيها من مراكز إقتصادية واماكن أثرية ودينية مهمة، يأتي إليها السّواح والزائرون من كافة دول العالم، وفيما يلى اهم المقامات والمزارات في مدينه حلب:

- مشهد النقطة

- مقام محسن السقط

- ابن جمرة حفيدالإمام الصادق (ع)

- مرقد نبي الله زكريا (ع)

- مرقد شهاب الدين السهروردي

1- مشهد النقطة (مشهد رأس الحسين (ع))

أحد الأماكن المهمة في مدينة حلب هو مشهد النقطة أو مسجد النقطة، وهذا المسجد يذكرنا بحادثة كبرى مرت في التاريخ الإسلامي، وذلك عندما جي ء بعائلة الإمام الحسين (ع) أسرى من كربلاء إلى الكوفة، ثم إلى المناطق الشمالية في سورية، فلما وصلوا


1- أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 17: 2، لمحمد راغب الطباخ الحلبي.

ص: 77

إلى تل الجوشن في غرب حلب، أوقفوا القافلة عند هذا التل ليلة كاملة للاستراحة، فوضعوا الرأس الشريف للإمام الحسين (ع) على صخرة، وعند طلوع الشمس، رأوا عدة قطرات من الدم على تلك الصخرة، قد نزلت من الرأس الشريف، وتقول بعض الروايات بأن آثار الدم التي بقيت على هذه الصخرة، كانت تتحول إلى دم طريٍ أيام عاشوراء من كل سنة، فلهذا أثار هذا الأمر توجه أهل الشام، حتى أمر عبدالملك بن مروان بأن تُنقل هذه الصخرة إلى مكان بعيد عن أنظار محبي أهل البيت:، إلى أن جاء سيف الدولة الحمداني، فأمر بأن توضع هذه الصخرة في مكان مناسب وأن يبنوا حولها مسجداً وسمّاه بمسجد النقطة، وهو معروف اليوم أيضاً بهذا الاسم، حيث يتوافد إليه الزوار من كل حدب وصوب من العالم الإسلامي، وهذه المنطقة تسمى الآن ب- (حي الأنصاري)، حيث شُيّد إلى جانبها بناءٌ كبير لاستراحة الزوار الذين يقدمون إلى هذا المشهد المقدس، ويقال إن الأتراك أرادوا حمل الحجر إلى جامع نبي الله زكريا (ع)، فما كانت الدابة تتحرك نحوه فأرجعوه إلى مسجد النقطة. (1)

2- مقام محسن السقط (مشهد الدكة)

أحد الأماكن المهمة في حلب قرب مشهد النقطة والذي يزوره محبّو أهل البيت:، هو مقام المحسن بن الحسين 8، ويسمّى مشهد


1- راجع مقتل الحسين، للمقرم: 444؛ نهر الذهب في تاريخ حلب 209: 2.

ص: 78

السقط أو مشهد الدكّة، وقد دفن محسن السقط في هذا المكان وذلك عندما كانت قافلة الأسارى تمر على حلب في أطراف جبل الجوشن، وينقل بأن زوجة الإمام الحسين (ع) كانت حاملة به، فعلى أثر المتاعب والمصاعب الكثيرة التي واجهتها، أسقطت الجنين الذي كان في بطنها، وفي رواية أخرى أن محسناً (ع) كان طفلًا رضيعاً وأنه توفي في هذا المكان ودفنوه فيه، ولم يذكر لنا التاريخ بأن الإمام (ع) كان له ولد باسم محسن، فعلى هذا الأساس الأرجح إن محسناً كان جنيناً في بطن أمه، وسمته أمه بهذا الاسم تبركاً باسم جنين الزهراء 3 الذي أسقط وسمته بمحسن.

وجاء في تاريخ حلب (1)، أن أول من عمّر المشهد هو سيف الدولة الحمداني سنة (351 ه) لرؤيا رآها، وهي: إن سيف الدولة الأمير كان جالساً في إحدى حدائقه التي بداره خارج مدينة حلب، فرأى نوراً نزل على مكان المشهد، وتكرر ذلك، فركب بنفسه إلى ذلك المكان فلما حضره وجد صخرة قد كتب عليها هذا النص: «هذا قبر المحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب»، فالظاهر أنه بعد ذلك، أقام الصرح المعروف الآن بمشهد السقط. ومنذ ذلك الوقت صار المشهد مدفناً لوجوه الشيعة ومشاهير علمائهم، عرفت بمقبرة ابن شهر آشوب، منهم الشيخ أبوجعفر محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني صاحب الكتاب المعروف بمناقب آل


1- نهر الذهب في تاريخ حلب، لكامل الغزي 209: 2.

ص: 79

أبي طالب:، وهو من كبار مؤرخي الشيعة، وقبر عمرو بن صلاح الحلبي وهو من كبار الزهاد والمتصوفة، وابن منير الدين الطرابلسي، والسيد ابن زهرة الحلبي، وغيرهم.

وعلى مقربة من مقبرة ابن شهر آشوب، توجد مقبرة بني زهرة، دفن فيها مجموعة من علماء بني زهرة وهي من القبائل المعروفة في القرن الرابع والخامس الهجري والذين ينتسبون إلى إسحاق المؤتمن ابن الإمام جعفر الصادق (ع) ومنهم السيد حمزة أبو المكارم صاحب كتاب غنية النزوع، و بهاء الدين بن زهرة بن أحمد الحلبي وأحمد بن حسين الإسحاقي وهو شاعر وحافظ للقرآن.

3- مقام ابن جمرة من أحفاد الإمام الصادق (ع)

هناك مقام في حلب (يقع في سوق المدينة) لابن جمرة أحد أحفاد الإمام جعفر الصادق (ع) حيث يزوره الناس، وله قبة وضريح قرب قلعة حلب وسوق (الزرب)، وهذا السيد الجليل المجاهد قد ولد سنة 555 ه واستشهد عام 640 ه في جهاد مع الصليبيين، في الدفاع عن الإسلام.

4- مقام النبي زكريا (ع)

زكريا (ع) هو أحد الأنبياء وقد جاء ذكره في القرآن الكريم في أكثر من سورة وهو آخر أنبياء العهد القديم، وقيل إنه عاش في فترة ستة قرون قبل الميلاد، في سنوات ترميم (هيكل أورشليم) الذي

ص: 80

دمّره نبوخذ نصر ملك بابل، ويذكر القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى رزق زكريا وزوجته ولداً وهما في سن الكبر، وذلك بصورة خارقة للعادة، قال تعالى: (يَازَكَرِيّا إِنّا نُبَشّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىَ لَمْ نَجْعَل لّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً) (1).

يقع قبره الشريف داخل باحة الجامع الكبير لحلب وفي القسم الأيسر للمحراب، وله ضريح فيه تابوت خشبي مغطى بقماشة خضراء، وهو الآن محل تردد الزوار من مختلف شعوب العالم.

5- مرقد الشيخ الشهيد شهاب الدين السهروردي

وهو أبوالفتوح يحيى بن حبش بن أميرك شيخ الإشراق، كان حكيماً ومؤسس الحكمة الإشراقية، ولد في سنة 549 للهجرة في مدينة سهرورد التابعة لمحافظة زنجان، ويُذكر بأنه (رحمة الله) منذ نعومة أظافره أحاط بالكثير من العلوم الإسلامية والفلسفة، وفي السنين الأخيرة من عمره عندما أبدع الطريقة الإشراقية في الفلسفة، انتقد بعض العلماء المتقدمين في هذا المجال، ولذا فإنه اتُهم بالإلحاد والزندقة، حتى إن البعض من العلماء أباح دمه، وعلل البعض إباحة دمه من قبل العلماء، بأنه اختلف معهم مذهبياً وأنه اعتمد في فلسفته على أفلاطون وقدماء فلاسفة إيران وبعض الفلاسفة قبل الإسلام،


1- مريم: 7.

ص: 81

وأخيراً حكم عليه بالسجن المؤبد واستشهد سنة 58 (ع) للهجرة، ومقبرته في داخل جامع السهروردي في شمال غرب ساحة باب الفرج.

مدينة الرقة، مشاهد ومقامات

اشارة

تقع مدينة الرقة أو (الرافقة) بالقرب من منطقة صفين، وتطلق هذه الكلمة في الحقيقة على ساحل نهر الفرات، وتبعد عن العاصمة دمشق 54 (ع) ك. م باتجاه الشمال الشرقي، وتبعد عن الحدود التركية (60) كيلومتراً.

دخل الإسلام فيها سنة 1 (ع) للهجرة بدون إراقة دماء، وكان عياض بن غنم قائد جيش سعد بن أبي وقاص(1) .

شهدت هذه المنطقة في سنة 3 (ع) للهجرة، إحدى الحوادث التاريخية الكبيرة في التاريخ الإسلامي وهى معركة صفين حيث تواجه الحق والباطل وجهاً لوجه وجرى بينهما قتال مرير إستمر 110 يوماً، فكان نتيجة هذه الحرب قتل المئات من خيرة أصحاب الإمام علي (ع) وعلى رأسهم عمار بن ياسر وأويس القرني و 25 نفراً من الصحابة البدريين، وقد بقيت مجموعة من الآثار التاريخية المهمة لتلك الواقعة يقصدها الزائرون من كل حدب وصوب، منها:


1- معجم البلدان: ياقوت الحموي.

ص: 82

- مشهد الإمام علي (ع)

- مقام عمار بن ياسر

- قبر أويس القرني

- قبور شهداء صفين.

1- باب الإمام علي (ع)

في الجانب الغربي من نهر الفرات، منطقة في الرقة هي الأرض التي دارت عليها واقعة صفين سنة (37 ه) في شهر صفر، بين وصي رسول الله (ص) ومعاوية، وهذا الباب يمثل الفناء الذي كان فسطاط أمير المؤمنين (ع)، حيث تسمى في وقتنا الحاضر مركز إدارة العمليات و كان في نواحي مدينة الرقة أربعة أبراج وباب ومنفذ، واستخدم الإمام أميرالمؤمنين (ع) ذلك الباب عند دخوله إلى منطقة صفين، لهذا سمي هذا الباب ب- (باب علي (ع)) ولا زال هذا الباب وما يقارب نصف جدار في وسط المدينة القديمة باقياً إلى هذا اليوم، حيث يعطي للمدينة الجمال والأصالة، وفي القرن الخامس الهجري قام سيف الدولة الحمداني بتجديده وتعميره.

2- مقام عمار بن ياسر

كانت ولادة الصحابي الجليل عمار بن ياسر (أبو اليقظان) في مكة عام الفيل، وقد هاجر مع أبوه ياسر من اليمن إلى مكة محالف لبني مخزوم، وقد تزوج ياسر بأمة حبشية فتاة تسمى سمية بنت

ص: 83

خباط فولدت له الأولاد الثلاثة: حريث، وعمار وعبد الله وكان إسلام آل ياسر قديماً في بداية الدعوة في مكة.

وقد لاقى عمار الأمرَّين من قريش بسبب إسلامه، واستشهدت أمه سمية تحت التعذيب فكانت أول شهيدة في الإسلام، وكان الرسول (ص) يوصي آل ياسر بقوله: «صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة»(1).

هاجر المسلمون بدينهم إلى الحبشة، وكان عمار بن ياسر واحداً من اثني عشر رجلًا منهم، وكان عمار يعرف بالشجاعة والسخاء، وبملازمته الحق، وكل الصحابة يعلمون أن لعمار مكانة خاصة عند رسول الله (ص)، حيث كان عمار أحد الأصحاب الخلّص للنبي (ص) وقد اشترك مع النبي (ص) في جميع غزواته، وشارك أيضاً في حرب اليمامة في مواجهة المرتدين وجرح فيها. (2) ولذا قال النبي (ص) في حقه الكثير من الأقوال منها: «عمارٌ مع الحق والحق مع عمار» (3)، ومنها «لقد مُلئ عمار بالإيمان من مشاش رأسه إلى أخمص قدميه»، وقال (ص): «من أبغض عماراً فقد أبغض الله»، وقال عن استشهاده: «يا عمار تقتلك الفئة الباغية»(4) .

ولما استشهد عمار بن ياسر (رحمة الله) في معركة صفين، حدث اضطراب


1- شرح نهج البلاغة 255: 13.
2- راجع شرح نهج البلاغة 102: 10 و ج 255: 13.
3- مجمع الزوائد 354: 9؛ بحارالأنوار 35: 44 باب 19.
4- مجمع الزوائد 354: 9؛ بحارالأنوار 113: 18.

ص: 84

في جيش معاوية حيث أنهم سمعوا من رسول الله (ص) يقول بأنه تقتله الفئة الباغية، فلهذا أشاع معاوية بين الناس بأنّ الذي قتل عماراً هو علي لأنه هو الذي أرسله لقتالنا، فلما سمع الإمام (ع) هذه المقولة قال بعبارة استنكارية مضمونها: أن رسول الله (ص) هو الذي قتل حمزة سيد الشهداء لأنه هو الذي أرسله لقتال المشركين!!

وقال المسعودي في (مروج الذّهب): وكان قَتْلهُ عند المساء، ولم يغسله علي (ع) وصلى عليه ودفنه في صفّين (1)، وأبّنه الإمام علي (ع) بهذه الأبيات:

ألا أيها الموت الذي ليس تاركي أرِحني فقد أفنيت كلَّ خليل

أراك بصيراً بالذين أودّهم كأنك تنحو نحوهم بدليل!

وكان عمره حين استشهاده 94 سنة، وإذا ذهبت الآن إلى مرقده تجد له مرقداً كبيراً و عظيماً بني من قبل جمهورية إيران الإسلامية.

3- قبر أويس القرني

جاء في (طبقات ابن سعد): هو أويس بن عامر بن جَزء بن مالك بن عمر بن سعد بن عصوان بن قرن بن رومان بن ناجية بن مراد المرادي، قاتل مع علي (ع) بصفين سنة (3 (ع) ه) فاستشهد.

وجاء في (رجال الكشي)(2) عن أويس: أنه من حواري أميرالمؤمنين (ع)، وكان مع علي (ع) ومن أصحابه، ومن الزهاد


1- مروج الذهب 381: 2 ط بيروت، بتحقيق أسعد داغر.
2- رجال الكشي: 71.

ص: 85

الأتقياء، وكان من التابعيين، وقال رسول الله (ص): «خير التابعين أويس». قال عنه رسول الله (ص) ولم يره: «أبشروا برجل من أمتي يقال له أويس القرني، فإنه يشفع لمثل ربيعة ومضر» (1).

وفي صفين، جاء رجل عليه قباء صوف متقلداً بسيفين فبايع علياً (ع) وهو تمام الألف بصفين حتى قتل فوجد في الرجالة، وهو أويس.

4- قبور سائر شهداء صفين

- هاشم المرقال (رحمة الله)، وابنه عتبة بن هاشم.

- أبو ليلى الأنصاري، وأبو فضالة الأنصاري.

- خزيمة بن ثابت الملقب من قبل النبي (ص) بذي الشهادتين.

- صفوان بن حذيفة بن اليمان الأنصاري، وأخوه سعيد بن حذيفة.

- محمد الأكبر بن جعفر بن أبي طالب، وكانت راية على (ع) بيده.

- شرحبيل بن مرة الهمداني، ومعه إخوته شمير، وكريب، وهبير، وبريد.

- بريدة بن الحصيب الأسلمي، وبشير هو وأخوه وداعة ابنا فريد الأنصاري.

- الإخوة عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وأخويه محمد،


1- رجال الكشي: 710.

ص: 86

وعبد الرحمن.

بلاد الشام أرض المقدسات ؛ ؛ ص86

قبر أُبي بن قيس النخعي وأخوه الفاضل العابد علقمة بن قيس.

هؤلاء وغيرهم من شهداء صفين، قبورهم كلها في مدينة الرقة في الجانب الغربي من الفرات ضمن مقام كبير باسم مقام عمار بن ياسر.(1)

بُصرى الشام وآثارها الدينية

اشارة

إحدى المدن التاريخية والقديمة لسورية هي مدينة «بصرى» التي تبعد عن دمشق (132 ك. م) جنوباً، وكانت هذه المدينة تابعة لحوران، وهي اليوم من مدن محافظة درعا، وتصل قدم مدينة بصرى من الناحية التاريخية إلى الألف الأول قبل الميلاد، وإلى اليوم بقيت هناك بعض الآثار من ذلك العهد.

وكانت بصرى قبل الإسلام وبعده ملتقى التجارة بين شبه الجزيرة والشام، والقوافل التي كانت تأتي من شبه الجزيرة لأجل التجارة نحو الشام، كانت تقف وتستريح مؤقتاً في هذه المدينة، ثمّ تتجه نحو دمشق.

وكانت لبصرى عند المسلمين والمؤرخين موقع خاصٌ، لأنها كانت شهدت قدوم النبي (ص) في سنة (30) قبل البعثة عندما كان (ص) في ربيعه العاشر أثناء التجارة مع عمه إلى الشام، ولذا بقيت آثار من تلك الواقعة منها:


1- راجع مجالس المؤمنين للقاضي نور الله، و الاستيعاب للقرطبي و الخلاصة للحلي.

ص: 87

1- دير وكنيسة بحيري الراهب

لهذا المكان أهمية وقدسية عند المسلمين لأن الرسول (ص) وفي عهد شبابه في حوالي (30) سنة قبل البعثة أثناء التجارة مع عمه أبي طالب قدم إلى الشام، وتوقفت قافلته في هذا المكان، وعندما وقع نظر بحيرى الراهب إلى الشاب محمد (ص) قرء في بسماته العلامات المذكورة عنه (ص) في كتابه، فقال لأبي طالب: حافظ عليه فإني أرى في جبهته خاتم النبوة (1).

2- جامع مبرك الناقة

على بعد (300 م) من كنيسة بحيرى وعلى جهة اليمين تجد مسجداً له منارة صغيرة وباب قصير، يسمى ب- «جامع المبرك» وهو يعود إلى بداية ظهور الإسلام، ويقال بأن في هذا المكان بركت ناقة الرسول (ص) على الأرض فى سفره الى الشام، ويقال: بركت فيه أول ناقة تحمل القرآن الحكيم، ثم بني بعد ذلك مسجد سمي تيمناً بالمبرك.

نهاية المطاف (مشاهد واستفهام)

توجد هناك مشاهد ومقامات في الشام عموماً وفي دمشق خصوصاً، هي في الواقع موضع شك وترديد ولإثبات صحة وجودها نحتاج إلى المزيد من التحقيق.

فمنذ قرون وإلى الآن وهذه المشاهد تجتذب قلوب مئات الألوف


1- سيرة النبوية 9، ابن هشام 194: 1؛ مختصر تاريخ دمشق: ابن منظور، 6: 2- 10.

ص: 88

من المسلمين من محبي آل البيت: والصحابة والتابعين والأولياء في كل عام للزيارة.

ولا شك أن المسلم يؤجر ويثاب على هذا الاعتقاد والإيمان بهؤلاء العظماء، وبما يبذل من مال ويتحمّل من مشقة السفر لأجل الوصول إلى تلك المشاهد والمقامات ليزورها ويتعرف على تاريخها الإسلامي المملوء بالتضحية والفداء في سبيل نصرة الحق وشخصياته العظيمة التي سجلت بدمائها أروع الملامح والبطولات لنصرة الدين.

ويقف المسلم المؤمن على قبور هذه الشخصيات ليقول عندها: يا ليتنا كنا معكم في نصرة الحق فنفوز فوزاً عظيماً وبهذه النية يشاركهم في الأجر والثواب ويعاهدهم على الاستمرار في الطريق الذي سلكوه في نصرة الإسلام، لتبقى راية الحق والعدالة مرفرفة إلى ظهور الإمام المهدي [الموعود الذي يصلح العالم بأجمعه ويملأ الأرض عدلًا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

***

ص:89

ص: 90

ملحق الكتاب

اشارة

ص:91

ص: 92

ألف- أهم الأماكن الأثرية والتاريخية فى سورية

*- قلعة دمشق: تقع جنب سوق الحميدية، أنشأها السلاجقة عام 10 (ع) 8 م.

*- قصر العظم: يقع في جهة الجنوب من الجامع الأموي، بني عام 1163 ه كمقر للوالي العثماني أمير اسعد باشا، وهو الآن واحد من متاحف دمشق.

*- سور وأبواب دمشق: بني السور في العهد الروماني بالحجارة الضخمة، وله سبعة أبواب هي، الباب الشرقي، باب الجابية، باب كيسان، الباب الصغير، باب توما، باب الجنيق وباب الفراديس.

*- المكتبة الظاهرية: من أقدم المكتبات في سورية تأسست عام 12 (ع) (ع) م، و هي تسمى نسبة لمؤسسها الملك الظاهر بيبرس.

*- معلولا: متحف طبيعي لسكن الإنسان القديم منذ بداياته تتمثل في كهوف ومغاور تمتد حتى منطقة يبرود، تقع شمال دمشق.

*- أوكاريت (رأس شمرا)، تقع مملكة أوكاريت الأثرية على بعد 16 ك. م شمال مدينة اللاذقية، وتعود الي القرن السادس عشر قبل الميلاد.

ص: 93

*- قلعة صلاح الدين: من روائع الحصون في سوريا على بعد 35 ك. م شرق اللاذقية، انتزعها صلاح الدين الأيوبي من يد الصليبيين سنة 1188 م.

*- قلعة حلب: قديمة جداً، وفيها قصر ملكي يعود بناؤه إلى القرن 13 م.

*- إيبلا: على بعد 60 ك. م جنوب حلب و 5 ك. م من مدينة سراقب يقع تل إيبلا، يعود تاريخه إلى الألف الثالث، قبل الميلاد، حيث كانت مملكة إيبلا.

*- قلعة حمص، تعود للعهود الرومانية، وبقايا من العهد الأيوبي.

*- قلعة الحصن: من أشهر قلاع العالم الأثرية، تقع على الطريق الواصل بين حمص وطرابلس وتبعد عن حمص 60 ك. م، شيدت من 800 عام.

*- تدمر: في قلب بادية الشام تبعد عن حمص 160 ك. م وعن دمشق 245 ك. م وهي آثار مملكة زنوبيا حيث العصر الذهبي لهذه المملكة (2 (ع) 0 م).

*- آفاميا: تقع على الضفة اليمنى من نهر العاصي على بعد 55 ك. م شمال غرب حماة، أنشأها السلوقيون عام (300 ق. م) وآفاميا هو اسم زوجة الملك الذي أسس هذه المدينة.

*- بصرى الشام: تقع على بعد 145 ك. م جنوب دمشق، ويعود

ص: 94

تاريخها إلى القرن 14 قبل الميلاد، وفيها آثار من زمن الروم منها المسرح و القلعة.

ب- المعالم الدينية في الأردن

شهدت أرض الأردن عبر تاريخها الديني أحداثاً لم تأخذ نصيبها الحقيقي من الدراسة والبحث، فهي مباركة كونها تعتبرمن حوالي المسجد الأقصى الشريف، و قد وطئتها أقدام معظم الأنبياء والرسل والأوصياء الذين حملوا رسالة التوحيد، فمنهم من عاش ومات ودفن فيها، ومنهم من مر بها وترك من آثاره، والذي جاء ذكر بعضه في الكتب السماوية، فمن هنا مر الرسول الكريم قبل بعثته الشريفة واستظل بشجرة لا زالت باقية لحد الآن يتبركون بها، وصارت هذه الأرض بعد ذلك ممراً لمعراجه ومسراه (ص).

وأرض الأردن مباركة حيث شهدت وجرت على أرضها معركة مؤته، واستشهاد أبطالها العظام جعفر الطيار وعبدالله بن رواحة و زيد بن حارثة، فامتزجت دمائهم الزكية بتراب هذه الأرض، واحتوت أجسادهم الطاهرة. لذا من المحب ذكر بعض هذه المعالم الدينية من الأماكن والمقامات والمشاهد المشرفة في هذا الملحق ولو بإختصار:

*- مقام الحارث بن عمير الأزدي (رحمة الله).

*- مقام رأس زيد بن علي بن الحسين 8.

*- مشهد الشجرة التي استظل بها الرسول (ص).

ص: 95

*- مراقد جعفر الطيار و عبد الله بن رواحةو زيد بن حارثة في الكرك.

*- مشهد موسى (ع): هي بالحقيقة مشاهد الكليم موسى (ع).

*- مشهد شعيب (ع): قريب من بئر مدين وقد بعث إلى أصحاب الأيكة.

*- مشهد هارون أخو موسى (ع) ووزيره، وقبره الآن في البتراء (الوردية).

*- مشهد يوشع (ع): فتى موسى الذي اصحبه في قصته مع الخضر.

*- مشهد صالح (ع): في موقعين داخل البتراء هما البسطه والبيضاء.

*- مشهد إلياس (ع): في جبال عجلون الموقع الذي رفع منه إلى ربه.

*- كهف أهل الكهف: في منطقة الرجيب (الرقيم)، (فلادليفيا) قرب العاصمة.

*- مشهد لوط (ع): في مأدبة (80 ك. م) عن عمان، وهي موقع سدوم.

ج- المقامات والمزارات في لبنان

لبنان كسائر بلاد الشام من أقدم الحضارات الدينية، فهو يعتبر من حوالي المسجد الأقصى الذي جعله الله، هو وماحوله مباركاً، وهذا البلد كان ممرَّ اً لبعض الأنبياء و الأولياء ومحط رحالهم ومحل

ص: 96

دعواتهم إلى الله، ولذا نرى بأنَّه يحتوي على مقامات تنسب إليهم، كمقام نبي الله شيث (ع)، ومقام النبي إيليا (ع) ومقام النبي نوح (ع) في البقاع، ومقام الوصي شمعون الصفا، في الجنوب قرب مدينة صور التاريخية وهو من حواري عيسى (ع) ومن أجداد أمِّ الإمام المهدي (ع) السيدة نرجس، ومقام السيدة خولة بنت الحسين (ع) في بعلبك، حيث تذهب الروايات بشأنها إلى أنها إما سقط لإحدى زوجات الإمام (ع) أو أنها ابنة ثلاث سنوات أنهكتها مسيرة السبي.

وفي عصرنا هذا امتاز لبنان بمقاومته ضد الإحتلال الصهيوني حتى أجبرته على الخروج من هذا البلد، ولقد قدّمت في سبيل ذلك الكثير من الشهداء، في مقدمتهم أمين عامها و سيد شهدائِها، السيد عباس الموسوي والذي دفن في مدينته، النبي شيث (ع) في البقاع.

د- الأماكن المقدسة في فلسطين

إنّ أرض فلسطين مقدسة كما جاء في قوله تعالى لقوم بني إسرائيل: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَةَ الّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ ...)(1) ، وأرض مباركة لأنّ فيها المسجد الأقصى الذي كان مهبطاً لرسول الله فى إسرائه: (سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)(2) .

فهذا البلد هو مهد أغلب الحضارات الدينية، ولذا نرى انَّه


1- المائدة: 21.
2- الإسراء: 1.

ص: 97

يحتوي على عدد كبير من المعالم الدينية وحملة رسالة التوحيد من الأنبياء والرسل، وأولادهم الصالحين، وجمع من صحابة رسول الله (ص) والتابعين، وبذلك صارت تلك الأماكن تحظى بالقدسية والإعظام عند عموم المسلمين، وفيما يلي عرض سريع و وجيز لبعض تلك الأماكن والمقامات.

*- مدينة القدس: وتسمّى بيت المقدس و أورشليم وإسمها القديم هو يبوس نسبة لليبوسيين الكنعانيين الذين قدموا إليها من الجزيرة العربية قبل الميلاد بحوالي أربعة آلاف سنة، وهم أوّل من أسّس هذه المدينة و سكنها وبنوا فيها معبداً لإلههم.

وهذه المدينة تضمّ كلّ المقدسات اليهودية والمسيحية والإسلامية، ففيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة وحائط البراق وكنيسة القيامة وكنيسة المهد وغيرها من المقدسات ...

*- المسجد الأقصى: البناء الأولى للمسجد يعود إلى النبي داوود (ع) حيث أمر ببناءه شكراً لله على شفاء بني اسرائيل من الطاعون، ولقد أكمل البناء ووسّعه بعد ذالك النبي سليمان (ع) وبعد دخول الإسلام إلى بيت المقدس أعيد بناء المسجد من قبل عبدالملك بن مروان وأكمله ابنه الوليد سنة (ع) 14 م، ولقد أعيد بناءه بعد ذالك ورمّم عدة مرات.

ويعتبر المسجد الأقصى المبارك القبلة الأولى للمسلمين حيث كانوا يصلون فيه مدة سبعة عشر شهراً، وهو ثالث الحرمين

ص: 98

الشريفين، والصلاة فيه بخمسمائة صلاة.

*- مسجد قبة الصخرة: وفيه الصخرة العظيمة، موقع صعود النبي (ص) إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج، والقبة صفراء اللون.

*- الحائط الغربي: الحائط الغربي للمسجد الأقصى و يدعي اليهود أن كل ما بقى من المعبد المسمى هيكل سليمان الذي حطمه الروم هو هذا الحائط، ويسمّى حائط البراق حيث يروى أنّ الرسول (ص) قد ربط الدابة (البراق) التي حملته في إسرائه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في هذا المكان.

*- كنيسة القيامة: الموقع الذي صلب فيه عيسى (ع) في القدس، وفق اعتقادهم؛ بنتها الامبراطورة هيلانة والدة الامبراطور الروماني قسطنطين في عام 335 م.

*- كنيسة المهد: موقع ميلاد عيسى (ع) في بيت لحم من أقدس الأماكن الدينية للمسيحيين في العالم.

*- كهف الحرم الإبراهيمي: مرقد إبراهيم وزوجته سارة في مدينة الخليل.

*- مسجد الحرم الإبراهيمي: بني فوق الكهف الذي دفن فيه إبراهيم (ع).

*- مقام يوسف (ع): مسجد ومقام النبي يوسف (ع) يعتقد أن فيه مدفنه.

*- مقام يعقوب (ع): مسجد ومقام النبي يعقوب (ع) يعتقد أن فيه مدفنه.

ص:99

ص: 100

الخاتمة

اشارة

ص:101

ص: 102

فضل زيارة قبور أولياء الله

إننا نرى كافة الشعوب في العالم تخصّص أماكن خاصة لمثوى شخصياتهم السياسية والدينية، كي تبقى رمزاً خالداً لهم إلى الأبد، فكما أنَّ الكعبة، والصفا، والمروة، ومنى، وعرفات، والحجر الأسود، تعتبر من شعائر الله وتستحق الاحترام والتعظيم بسبب ارتباطها بالله وانتسابها إليه سبحانه، فكذلك قبور أولياء الله سبحانه الذين كانوا حماة دين الله وروّاد أحكامه تعتبر من شعائر الله، ومما لا شكّ فيه أنّ زيارة قبورهم تنطوي على آثار أخلاقية وتربوية مهمة، ولها آثار عديدة دنيوية وأخروية، ولذلك يقول الرسول (ص): «زوروا القبور فإنها تذكّركم الآخرة»(1) .

وكان رسول الله (ص) نفسه يزور قبور صحبه المدفونين في البقيع الغرقد، ويزور قبور الشهداء في أحد، بما فيها قبر سيدهم عمه


1- سنن ابن ماجة 499: 1.

ص: 103

حمزة بن عبد المطلب أسد الله، وبأبيها النبي (ص) اقتدت ابنته فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين 3، فكانت تخرج لزيارة قبر عمّها حمزة كل أسبوع، فتصلّي عند قبره، وتبكي (1).

ومن هذا المنطلق وإتماماً لفائدة الكتاب لزوّار الأماكن المقدسة في بلاد الشام نختمه بالزيارات المشتركة الواردة في زيارة أولياء الله من الأنبياء والأوصياء والزيارات الواردة لذرية رسول الله (ص).

الزيارات المشتركة

توجد في بلاد الشام، مجموعة من المقامات والمشاهد لأولياء الله من الأنبياء والأوصياء والذرية الصالحة من أهل بيت رسول الله (ص) وهذه المراقد وإن لم يثبت تاريخياً وجود البعض منها في هذه البلاد، ولكن ذلك لا يمنع من زيارة تلك المقامات بقصد رجاء الثواب المطلوب.

ومن جهة أخرى نرى أنه لا يوجد نصوص خاصة لزيارة كل واحد من هؤلاء على حدة، ولذا رأينا من الأفضل الإتيان بالزيارات المشتركة المأثورة لزيارة جميع الأنبياء والأوصياء والأولياء، وزيارة ذرية رسول الله (ص).


1- المستدرك على الصحيحين، للحاكم 277: 1.

ص: 104

زيارة الأنبياء والأولياء

الزيارة الجامعة الصغيرة

السَّلامُ عَلى أَوْلِياءِ اللهِ وَأَصْفِيائِهِ، السَّلامُ عَلى أُمَناءِ اللهِ وَأَحِبّائِهِ، السَّلامُ عَلى أَنْصارِ اللهِ وَخُلَفائِهِ، السَّلامُ عَلى مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مَساكِنِ ذِكْرِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُظْهِري امْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ، السَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ الَى اللهِ، السَّلامُ عَلَى الْمُسْتَقِرّينَ في مَرْضاتِ اللهِ، السَّلامُ عَلَى الُمخْلِصينَ في طاعَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلَى الادِلّاءِ عَلَى اللهِ، السَّلامُ عَلَى الَّذينَ مَنْ والاهُمْ فَقَدْ وَالَى اللهَ، وَمَنْ عاداهُمْ فَقَدْ عادَى اللهَ، وَمَنْ عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اللهَ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللهَ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ، وَمَنْ تَخَلّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلّى مِنَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ، وَاشْهِدُ اللهَ انّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمْتُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبْتُمْ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ، مُفَوِّضٌ في ذلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ، لَعَنَ اللهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالانْسِ وَأَبْرَأُ الَى اللهِ مِنْهُمْ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

***

ص: 105

زيارة ذرية رسول الله (ص)

إذا كان صاحب المقام رجلًا:

السَّلامُ عَلَى جَدِّكَ المُصْطَفَى، السَّلامُ عَلَى أبيكَ المُرْتَضَى الرِّضا، السَّلامُ عَلَى السِّيّدَيْنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، السَّلامُ عَلَى خَديجَةَ [أمّ] سَيِّدةِ نِساءِ العَالمَينَ، السَّلامُ عَلَى فَاطِمَةَ أمِّ الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، السَّلامُ عَلَى النُّفُوسِ الْفَاخِرَةِ، بُحُورِ الْعُلُومِ الزَّاخِرَةِ، شُفَعائي في الآخِرَةِ، وَأوْلِيَائي عِنْدَ عَوْدِ الرُّوحِ إلَى الْعِظَامِ النَّاخِرَةِ، أئِمَّةِ الخَلْقِ وَوُلاةِ الحَقِّ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّهَا الشَّخْصُ الشَّريفُ الطَّاهِرُ الْكَريمُ، أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلّا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَمُصْطَفاهُ، وَأنَّ عَليَّاً وَليُّهُ وَمُجْتَباهُ، وَأنَّ الإمامَةَ في وُلدِهِ إلى يَوْمِ الدِّينِ، نَعْلَمُ ذَلِكَ عِلْمَ الْيَقينِ، وَنَحْنُ لِذلِكَ مُعْتَقِدُونَ وَفي نَصْرِهِمْ مُجْتَهِدُونَ. (1)إذا كانت صاحبة المقام امرأة:

السَّلامُ عَلَى جَدِّكِ المُصْطَفَى، السَّلامُ عَلَى أبيكِ المُرْتَضَى الرِّضا، السَّلامُ عَلَى السِّيّدَيْنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، السَّلامُ عَلَى خَديجَةَ [أمّ] سَيِّدةِ نِساءِ العَالمَينَ، السَّلامُ عَلَى فَاطِمَةَ أمِّ الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، السَّلامُ عَلَى النُّفُوسِ


1- بحارالانوار 272: 99.

ص: 106

الْفَاخِرَةِ، بُحُوْرِ الْعُلُومِ الزَّاخِرَةِ، شُفَعائي في الآخِرَةِ، وَأوْلِيَائي عِنْدَ عَوْدِ الرُّوحِ إلَى الْعِظَامِ النَّاخِرَةِ، أئِمَّةِ الخَلْقِ وَوُلاةِ الحَقِّ، السَّلامُ عَلَيَكِ أيَّتُهَا النَّفسُ الشَّريفَةُ الطَّاهِرَةُ الْكَريمَةُ، أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلّا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَمُصْطَفاهُ، وَأنَّ عَليَّاً وَليُّهُ وَمُجْتَباهُ، وَأنَّ الإمامَةَ في وُلدِهِ إلى يَوْمِ الدِّينِ، نَعْلَمُ ذَلِكَ عِلْمَ الْيَقينِ، وَنَحْنُ لِذلِكَ مُعْتَقِدُونَ وَفي نَصْرِهِمْ مُجْتَهِدُونَ.

***

ص:107

ص: 108

مصادر الكتاب

- أخبار الزينبات/ للعُبيدلي.

- أسد الغابة في معرفة الصحابة/ لابن الأثير.

- اصول الكافي/ للكليني الرازي.

- أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء/ لمحمد راغب الحلبي.

- أعيان الشيعة/ للسيد محسن الأمين.

- الاحتجاج/ لأبي منصور الطبرسي.

- الإصابة في معرفة الصحابة/ لابن حجرالعسقلاني.

- الإمامة والسياسة/ لابن قتيبة.

- البداية والنهاية/ لابن كثير.

- السيرة النبوية/ لابن هشام.

- الصواعق المحرقة/ لابن حجرالعسقلاني.

- الطبقات الكبرى/ لمحمد بن سعد الزهري.

- العقد الفريد/ لإبن عبد ربه.

- الفصول المهمة/ لإبن صبّاغ المالكي.

ص: 109

- الكامل في التاريخ/ لابن اثير.

- اللهوف/ لعلي بن موسى بن طاووس.

- المستدرك على الصحيحين/ للحاكم النيسابوري.

- المناقب/ لضياء الدين الخوارزمي.

- أنساب الاشراف/ للبلاذري.

- بحارالأنوا ر/ للعلامة المجلسي.

- بلاغات النساء/ لابن طيفور.

- تاريخ الطبري/ لابن جرير الطبري.

- تاريخ حلب/ لمحمد بن علي الحلبي.

- تاريخ دمشق/ لابن عساكرالدمشقي.

- تاريخ وأماكن سياحتي وزيارتي سورية/ للدكتور اصغر قائدان.

- تذكرة الخواص/ لابن الجوزي.

- تهذيب التهذيب/ لابن حجرالعسقلاني.

- دائرة المعارف الإسلامية الشيعية/ للسيد حسن الأمين.

- دمع السجوم/ لأبي الحسن الشعراني.

- ذخائر العقبى/ لمحب الدين الطبري.

- رجال الكشي/ للطوسي.

- رحلة ابن بطوطة/ لابن بطوطة.

- رياض السياحة/ للشيرواني.

- زيارات الشام/ لابن الحوراني.

- سفينة البحار/ للشيخ عباس القمي.

- سيرة الحلبية/ للحلبي الشافعي.

ص: 110

- شرح نهج البلاغة/ لابن ابي الحديد المعتزلي.

- عيون أخبار الرضا (ع)/ لمحمدبن بابويه (الصدوق).

- غوطة دمشق/ لكرد علي.

- فتوح البلدان/ للبلاذري.

- مجمع الزوائد/ لعلي ابن ابي بكرالهيثمي.

- مختصر تاريخ دمشق/ لابن منظور.

- مروج الذهب/ للمسعودي.

- مع بطلة كربلاء/ لمحمد جواد مغنية.

- معجم البلدان/ لياقوت الحموي.

- معجم رجال الحديث/ للخوئي.

- مفاتيح الجنان/ للشيخ عباس القمي.

- مقاتل الطالبيين/ لابي الفرج الاصفهاني.

- مقتل الحسين/ للخوارزمي.

- مقتل الحسين/ للسيد عبدالرزاق المقرم.

- مناقب آل أبي طالب/ لابن شهر آشوب.

- منتهى الآمال/ للشيخ عباس القمي.

- نفس المهموم/ للشيخ عباس القمي.

- وفيات الأعيان/ لإبن خلكان.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.